.
$ باب ما لا تجوز فيه الوكالة $ ( قال رحمه الله ) ( وإذا وكل الرجل وكيلا بطلب قصاص في نفس أو في فيما دون النفس لا يجوز ) فإن وكله بإقامة البينة على ذلك جاز التوكيل في قول أبي حنيفة رحمه الله عند رضا الخصم أو مرضه أو غيبته .
وعند محمد رحمه الله على كل حال .
وعلى قول أبي يوسف رحمه الله لا يجوز التوكيل بذلك وجه قوله أن الوكيل يقوم مقام الموكل في دعوى القصاص والقصاص لا يثبت بما يقوم مقام الغير كما لا يثبت بالشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال وهذا لأن هذه عقوبة تندرىء بالشبهات وفيما يقوم مقام الغير ضرب شبهة في العادة وهو إنما يوكل ليحتال الوكيل لإثباته وفي القصاص إنما يحتال لإسقاطه لا لإثباته .
( ألا ترى ) أن التوكيل باستيفاء القصاص لا يجوز باعتبار أنه يندرىء بالشبهات فكذلك بإثباته وقد ذكر في بعض المواضع قول محمد رحمه الله كقول أبي يوسف رحمه الله .
وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أنه وكل بما يملك مباشرته بنفسه وإذا وقع الغلط أمكن التدارك والتلافي فصح التوكيل كما في الأموال بخلاف استيفاء القصاص فإنه إذا وقع فيه الغلط لا يمكن التدارك والتلافي فأما إثبات القصاص فكإثبات سائر الحقوق من حيث أنه إذا وقع فيه الغلط أمكن التدارك والتلافي وعلى هذا الخلاف إذا وكل المطلوب بالقصاص وكيلا بالخصومة في دفع ما يطالب به .
وكلام أبي حنيفة رحمه الله في هذا الفصل أظهر لأن دفع القصاص جائز بمن يقوم مقام الغير .
( ألا ترى ) أن الشهادة على الشهادة وشهادة النساء مع الرجال في العفو صحيحة ولكن هذا الوكيل لو أقر في مجلس القضاء بوجوب القصاص على موكله لم يصح إقراره استحسانا .
وفي القياس يصح لأنه قام مقام الموكل بعد صحة التوكيل .
( ألا ترى ) أن في سائر الحقوق جعل إقراره كإقرار الموكل وكذلك في القصاص .
وفي الاستحسان يقول إقرار الوكيل قائم مقام إقرار الموكل والقصاص لا يستوفى بحجة قائمة مقام غيرها .
توضيحه أنا حملنا التوكيل على الجواب لأن جواب الخصم من الخصومة ولكن هذا نوع من المجاز فأما في الحقيقة فالإقرار ضد الخصومة فيصير ذلك شبهة فيما يندرئ بالشبهات دون ما يثبت مع الشبهات وكذلك في التوكيل بإثبات حد القذف أو دفعه من جهة القاذف فأما التوكيل بإثبات المال في السرقة فقد طلب بالاتفاق لأن المقصود إثبات