الجنس لتصحيح العقد .
وإذا وكله بدراهم صرفها له وصرفها الوكيل عند أبيه أو عند ابنه أو عبده أو مكاتبه كان باطلا في قول أبي حنيفة رحمه الله وهو جائز عندهما إلا في عبده أو مكاتبه وقد بينا هذا ثم زاد فقال فإن باعه بالقيمة دنانير جاز ذلك كله ما خلا عبده إذا لم يكن عليه دين وهذا إشارة إلى أن الخلاف في البيع بالغبن اليسير دون البيع بمثل القيمة وقد بينا اختلاف المشايخ رحمهم الله فيما سبق .
قال ( ولو دفع إليه عبدا فقال بعه بألف درهم وزن سبعة فباعه بألفي درهم وزن خمسة فهذا جائز ) لأنه باعه بأكثر مما سمي له من جنسه فإن ألف درهم وزن سبعة تكون سبعمائة مثقال وألفي درهم وزن خمسة يكونان ألف مثقال فلم يكن هذا مخالفا لما سمي له الآمر .
قال ( وإن دفع إليه عشرة دراهم يسلمها في ثوب ولم يسم جنسه لم يجز ) لأن اسم الثوب يتناول أجناسا مختلفة فلم يصر مقصود الموكل بتسمية الثمن معلوما فإن أسلمها الوكيل في ثوب موصوف فالسلم للوكيل لأن الوكالة لما بطلت تعذر تنفيذ العقد على الموكل فنفذ على الوكيل ثم للموكل أن يضمن دراهمه أيهما شاء لأنه قضى دين نفسه بدراهم الموكل فكان هو ضامنا بالدفع والمسلم إليه بالقبض فإن ضمنها الوكيل فقد ملكها بالضمان وتبين أنه نقد دراهمه بعينها فكان السلم له .
وإن ضمنها المسلم إليه بعد ما افترقا بطل السلم لاستحقاق رأس المال من يد المسلم إليه فإن ذلك يقتضي القبض من الأصل وإن سمي ثوبا يهوديا جاز التوكيل لبيان الجنس والسلم نوع شراء فالتوكيل بشرائه سلما معتبر بتوكيله بشرائه والله أعلم بالصواب .
$ باب الوكالة في الدين $ ( قال رحمه الله ) ( رجل وكل رجلا بتقاضي دينه وبقبضه لم يكن للوكيل أن يوكل غيره بذلك ) لأن الناس يتفاوتون في التقاضي فقد يمل الغريم من تقاضي بعض الناس والموكل إنما رضي بتقاضيه بنفسه لا بتوكيله والقبض باعتبار الائتمان والناس يتفاوتون فيه فلا يكون رضا الموكل بقبض الوكيل رضا منه بقبض غيره فإن قبضها الوكيل الثاني لم يبرأ المطلوب لأنه في حق الطالب كأجنبي آخر فلا يبرأ المطلوب بقبضه إلا أن يصل المال إلى الوكيل الأول لأن يد الوكيل كيد الموكل فوصوله إلى يده كوصوله إلى يد الموكل ولأن وصوله إلى يده من جهة وكيله كوصوله إلى يده أن لو قبض بنفسه وكذلك إن كان الآخر مما في عيال الأول فحينئذ يكون قبضه مبرئا للمطلوب لأن يد من في عيال الوكيل كيد الوكيل .
( ألا ترى ) أنه إن قبضه