الدراهم فكان بيانه هذا مغايرا ورجوعا عما أقر به فلا يصح مفصولا .
ولو أقر أنه قبض خمسمائة درهم مما له على المطلوب ثم قال بعد ذلك وجدتها زيوفا لم يصدق لما بينا أنه لو أقر بقبض جميع ما عليه ثم ادعى أنه زيوف لم يصدق إذا كان مفصولا فكذلك إذا أقر ببعض ماله عليه ولا يمين على المطلوب أنها كانت جيادا في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله .
وقال أبو يوسف رحمه الله إذا اتهمته حلفته وهو بناء على الإختلاف الذي سبق إذا أقر البائع بقبض الثمن ثم قال لم أقبضه لم يحلف خصمه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله .
وعند أبي يوسف رحمه الله يخلف للعرف الظاهر في الإقرار قبل أن يستوفى بالإستيفاء للإشهاد فكذلك هنا فأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله اعتبرا التناقض .
وأبو يوسف رحمه الله اعتبر العرف أنه قد يقر بالاستيفاء بناء على أن المستوفى جياد ثم تبين له أنه زيوف فلهذا قال إذا اتهمته حلفته .
ولو أقر بقبض خمسمائة وله شريك في الدين ثم قال بعد ذلك هي زيوف فالقول قوله لما بينا أنه أقر بقبض الدراهم وذلك يتناول الزيوف حقيقة وللشريك الخيار إن شاء شاركه في المقبوض من الزيوف وإن شاء اتبع المطلوب الجياد .
وإن قال بعد ما سكت هي رصاص لم يصدق وللشريك نصفها جياد لأنه راجع عن الإقرار فإن أسم الدراهم لا يتناول الرصاص حقيقة وإن قال هو رصاص موصولا فالقول قوله لأن الرصاص من الدراهم صورة وإن لم تكن الدراهم معنى فكان هذا بيانا مغايرا لظاهر كلامه إلى ما هو محتمل فيصح موصولا وإذا صح فلا شيء للشريك منها لأنه بقبض الرصاص لا يصير مستوفيا شيئا من حقوقه وإنما يثبت للآخر حق المشاركة معه فيما يقبض من حقه .
وإن قال قبضت من مالي ولفلان على فلان خمسمائة ثم قال بعد ذلك هي زيوف لم يصدق لإقراره بأن المقبوض مما له عليه وذلك جياد فلا يصدق في حق الشريك مفصولا كما لا يصدق في حق المطلوب فلهذا كان للشريك نصفها جيادا .
وأذا أقر الطالب أنه قبض من المطلوب كر حنطة أو شعير أو شيئا مما يكال أو يوزن ثم قال بعد ذلك هو رديء فالقول قوله لأن الرداءة في الحنطة بيان للنوع لا بيان للعيب فإن العيب لا يخلو عنه أصل الفطرة السليمة وفي بيان نوع المقبوض القول قول القابض وقد تقدم بيان هذه الفصول فيما سبق والله أعلم