لنفسه بعد ذلك كان مناقضا وكذلك لو أقر أن هذا العبد لفلان ثم جاء بالبينة أنه له لم تقبل بينته للتناقض ولو ادعى رجل دارا فقال هذه الدار لي إلا هذا البيت وجحده ذو اليد فأقام المدعي البينة أن الدار له .
فإن قال كان البيت لي فبعته قبلت بينته لأن الشهود وإن شهدوا له بأكثر مما ادعاه إلا أنه وفق بين الدعوى والشهادة بتوقيف محتمل فيخرج من أن يكون مكذبا لشهوده .
وإن قال لم يكن البيت لي قط فهذا إكذاب منه لشهوده إذا شهدوا له بجميع الدار والمدعي إذا أكذب شهوده بطلت شهادتهم له .
وإن لم يقل شيئا من ذلك سأله القاضي عنه لأن الحكم يختلف ببيانه من سؤاله فإن أتى ببينة لم تقبل بينته لأنه في الظاهر مكذب شهوده فإنهم شهدوا له بأكثر مما ادعاه إلا أنه كان متمكنا من التوقيف فإذا أبى أن يوقف نفي ظاهر إلا كذاب أرأيت لو قضي بهذه البينة ثم قال المدعي ما كان البيت لي قط لم يكن بحق عليه إبطال قضائه فكذلك في الإبتداء لا يقضي إذا لم يبين وعلى هذا لو ادعى رجل على رجل بألف درهم وشهد له شاهدان بألفين فإن قال لم يكن لي عليه إلا ألف درهم فهذا إكذاب منه لشهوده وإن قال كان لي عليه ألفان فأبرأته من ألف قبلت بينته وإن أبى أن يبين بطلت الشهادة وهذا استحسان في الفصلين وفي القياس تقبل البينة لأن البينات حجج فيجب العمل بها ما أمكن وما دام التوقيف ممكنا فالمانع من العمل بالبينة غير متعذر ولكن استحسن للإكذاب الظاهر على ما بينا .
وإذا أقرت الأمة بالرق لرجل فباعها المقر له جاز لأن الملك يثبت له فيها بإقرارها والملك مطلق للتصرف .
فإذا ادعت عتقا بعد البيع وأقامت البينة على عتق من البائع قبل البيع أو على أنها حرة من الأصل قبلت بينتها استحسانا .
وفي القياس لا تقبل لأنها انقادت للبيع والتسليم وذلك إقرار منها بأنها لم يجر فيها من البائع عتق قبل هذا فتكون مناقضة في دعوى العتق قبل ذلك وإذا ادعت حرية الأصل فالتناقض ظاهر لتقدم الإقرار منها بالرق على نفسها ومع التناقض في الدعوى لا تكون البينة مقبولة .
ولكنه أستحسن فقال التناقض بعدم الدعوى والبينة على عتق الأمة يقبل من غير الدعوى فكذلك مع التناقض وفي الكتاب علل فقال لأن هذا فرج ومعناه أن يخرج الفرج من حق الله تعالى فتكون البينة عليه مقبولة حسبة ولكن هذا ليس بقوى فأما التناقض من العبد فيمنع قبول البينة على حريته عند أبي حنيفة رحمه الله وهنا لأن التناقض إنما يؤثر فيما يحتمل الإبطال بعد ثبوته وحرية الأصل بعد تأكدها لا تحتمل الإبطال وكذلك العتق بعد ثبوته لا يكون