على الجنازة بغير طهارة بمنزلة الدعاء ولكن لكونها صلاة تسمية شرطنا فيها نوع طهارة وفي هذا المعنى لا فرق بين الإمام والقوم .
وعلى هذا قال لو كان جنبا في المصر تيمم وصلى عليها أيضا لأنها بمنزلة الدعاء وذلك صحيح من الجنب إلا أنه أمره بأن يتيمم لها كما تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم لرد السلام في حديث معروف بيناه في الصلاة .
فإن تيمم وصلى على الجنازة ثم أتي بجنازة أخرى فإن تمكن من أن يتوضأ فلم يفعل أعاد التيمم للصلاة على الجنازة ثانيا لأنه لما تمكن من استعمال الماء فقد انتهى تيممه الأول ولو لم يتمكن من ذلك وخاف إن اشتغل بالوضوء أن تفوته الصلاة على الجنازة ثانيا فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يصلي عليها بذلك التيمم وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يعيد التيمم على كل حال لأن تيممه الأول كان لحاجته إلى احراز الصلاة على الجنازة الأولى وقد حصل مقصوده بالفراغ منها فانتهى حكم ذلك التيمم ثم حدثت له حاجة جديدة إلى إحراز الصلاة على الجنازة الثانية فيلزمه أن يتيمم لها لأن الثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة ويتجدد بتجددها وقاس بما لو تمكن من الوضوء بين الصلاتين وجه قولهما أن المعنى الذي لأجله جوزنا الصلاة على الجنازة الأولى بالتيمم قائم بعد وهو خوف الفوت فيبقى تيممه ببقاء المعنى بخلاف ما إذا تمكن من الطهارة بين الصلاتين .
يوضحه أن التيمم بعد ما صح لا ينتقض إلا بالقدرة على استعمال الماء وهو لم يقدر على استعمال الماء بالفراغ من الصلاة على الجنازة الأولى إذا كان يخاف فوت الثانية بخلاف ما إذا تمكن من الطهارة بينهما وإذا ثبت أنه غير متمكن من استعمال الماء كان فرض استعمال الماء ساقطا عنه فيكون وجود الماء وعدمه في حقه سواء .
وإن صلى على جنازة فكبر تكبيرة ثم جيء بأخرى فوضعت إلى جنبها فإن كبر الثانية ينوي الصلاة على الأولى أو عليهما أو لا نية له فهو في الصلاة على الأولى على حاله يتمها ثم يستقبل الصلاة على الجنازة الثانية لأنه نوى ما هو موجود وعند عدم النية يكون فعله مما هو مستحق عليه والمستحق عليه اتمام الصلاة على الأولى وإن كبر ينوي الصلاة على الجنازة الثانية فهو رافض للأولى شارع في الصلاة على الجنازة الثانية لأن الصلاة على كل جنازة فرض على حدة ومن كان في فريضة فكبر ينوي فريضة أخرى كان رافضا للأولى شارعا في الثانية فهذا مثله .
ولو أن امرأة حائضا انقطع عنها الدم في مصر فتيممت فصلت على جنازة فإن كانت أيامها عشرا فذلك يجزئها لأنا تيقنا بخروجها من الحيض بمضي أيامها وإنما بقي عليها الاغتسال فقط فهي بمنزلة الجنب في ذلك وكذلك