والمقالة التي كانت قبله باطلة وقال أبو يوسف رحمه الله البيع باطل على الكلام الأول ) ومعنى قوله ألجئ أي أجعلك ظهرا لي لأتمكن بجاهك من صيانة ملكي يقال التجأ فلان إلى فلان وألجأ ظهره إلى كذا والمراد هذا المعنى وقيل معناه أنا ملجأ مضطر إلى ما أباشره من البيع معك ولست بقاصد حقيقة البيع ثم صحح أبو يوسف رحمه الله روايته على أبي حنيفة رحمه الله بقوله فيما أعلم لأن الرواية عن الغير كالشهادة وهذا اللفظ شك في الشهادة عند أبي يوسف رحمه الله .
ولكن روى المعلى عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله أن البيع جائز مطلقا .
وروى محمد رحمه الله في الإملاء عن أبي حنيفة رحمه الله أن البيع باطل وهو قولهما والحاصل أنهما إذا تصادقا أنهما بنيا على تلك المواضعة فلا بيع بينهما كما ذكراه في البيع نصا وإن تصادقا أنهما أعرضا عن تلك المواضعة فالبيع صحيح بالإتفاق لأن تلك المواضعة ليست بلازمة ولا تكون أقوى من المعاقدة ولو تبايعا بخلاف الأول كان الثاني مبطلا للأول فإذا تواضعا ثم تعاقدا أولى .
وإذا اختلفا فقال أحدهما بنينا على تلك المواضعة وقال الآخر بل أعرضنا عنها فعندهما القول قول من يدعي البناء على المواضعة ولا بيع بينهما لأن الظاهر شاهد له ولأنا نجعل كأن أحدهما أعرض عن تلك المواضعة والآخر بنى عليها وتلك المواضعة بمنزلة إشتراط الخيار منهما ولو شرطا الخيار ثم أسقطه أحدهما لم يتم البيع .
وأبو حنيفة رحمه الله يقول الأصل في العقود الشرعية الصحة واللزوم فمن يقول لم نبن على تلك المواضعة يتمسك بما هو الأصل فالقول قوله وتوضيحه أن تلك المواضعة ليست بلازمة بل ينفرد أحدهما بإبطالها فإعراض أحدهما عن تلك المواضعة كإعراضهما .
وإن تصادقا على أنه لم يحضرهما نية عند العقد فعندهما وهو رواية محمد عند أبي حنيفة رحمهما الله البيع باطل لأنهما ما قصدا بالمواضعة السابقة إلا بناء العقد عليها فيجعل كأنهما بنيا .
وعلى رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله البيع صحيح لأن مطلقه يقتضي الصحة والمواضعة السابقة لم يذكرها في العقد فلا يكون مؤثرا فيه كما لو تواضعا على شرط خيار أو أجل ولم يذكرا ذلك في العقد لم يثبت الخيار ولا الأجل فهذا مثله ولو قال أشهد لي عليك بألف درهم على أنها باطل أو على أنك منها بريء ففعل لم يكن عليه شيء منها لأن نفوذ الإقرار يعتمد تمام الرضا ولهذا كان الإكراه مانعا صحة الإقرار فهو والبيع سواء بخلاف النكاح .
( ولو قال لامرأة أني أمهرك ألف درهم في السر وأظهر في العلانية ألفين وأشهد على ذلك فالمهر لها ألف درهم ) لأنهما تصادقا أن ما زاد على الألف سمياه