.
وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الاستثناء باطل ويقع الطلاق والعتاق جميعا لأن كلامه الثانى لغو فصار فاصلا .
وعندهما الاستثناء صحيح لكون الكلام موصولا ظاهرا ولو قال لفلان على ألف درهم ولفلان مائتا دينار إلا ألف درهم كان الاستثناء جائزا من الدنانير لأن المقر له إذا كان مختلفا فالاستثناء من المال الذي وصله به وإنما وصل الاستثناء بالدنانير هنا واستثناء ألف درهم من مائتي دينار صحيح عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأنه استثناء بعض ما تكلم به بطريق المستثنى المعين .
( ولو قال لفلان ألف درهم استغفر الله إلا مائة درهم كان الاستثناء باطلا ) لأنه فصل بينه وبين الإقرار بما ليس من جنسه ولا هو راجع إلى تأكيد الإقرار فكان بمنزلة الفصل بالسكتة وكذلك لو ذكر بين المستثنى والمستثنى منه تهليلا أو تكبيرا أو تسبيحا لأن هذه كلمة ليست من الإقرار في شيء فيتحقق الفصل بها كما يتحقق بالسكوت وشرط صحة الاستثناء الوصل .
( ولو قال لفلان علي مائة يا فلان إلا عشرة دراهم كان الاستثناء جائزا ) لأن قوله يا فلان نداء للمخاطب لينبهه فيستمع كلامه فكان كلامه راجعا إلى تأكيد الإقرار فلا يوجب الفصل بين المستثنى والمستثنى منه بخلاف ما سبق ولو قال لفلان علي مائة درهم فاشهدوا علي بذلك إلا عشرة دراهم كان الاستثناء باطلا لوجهين .
أحدهما أنه أمرهم أن يشهدوا على ألف ولا يكون ذلك مع صحة الاستثناء .
والثانى أن قوله فاشهدوا على ذلك كلام آخر أعقب الإقرار به بحرف التعقيب وهو الفاء ولو عطف على الإقرار بحرف الواو كان فاصلا بين المستثنى والمستثنى منه فكذلك إذا أعقبه به وهذا لأنه كلام مفيد مفهوم المعنى بنفسه فلا يكون تابعا للكلام الأول بل يصير فاصلابخلاف قوله يا فلان فإنه ليس بكلام مفهوم المعنى بنفسه فكان من تتمة المراد بالكلام الأول فلا يوجب الفصل بين المستثنى والمستثنى منه .
( ولو قال لفلان علي ألف درهم إلا عشرة دراهم أقبضتها إياه كانت عليه الألف كلها ) لأن قوله أقبضتها صفة العشرة وقوله إلا عشرة ظاهره استثناء العشرة على أن لا يكون واجبا أصلا ويحتمل أن يكون المراد الاستثناء على أنها ليست بواجبة في الحال لسقوطها عنه بالقضاء فكان بيانه المذكور بقوله أقبضتها من محتملات كلامه فيصح منه وإذا صح كان منه دعوى القضاء في العشرة ودعوى القضاء منه غير مقبول من غير حجة سواء ادعاه في بعض المال أو في كله لأن صحة الاستثناء بطريق أنه يكون عبارة عما وراء المستثنى وذلك لا يتحقق هنا لأنه لا يبقى أصل الوجوب فيما زعم أنه قضاه من المال وكذلك لو قال إلا عشرة دراهم قد أقبضتها إياه لأن حرف قد حرف التأكيد فدعواه القضاء في العشرة مع حرف التأكيد وبدون حرف التأكيد سواء