.
( ولو أن مريضا عليه دين يحيط بماله أقر بقبض دين له على أجنبي فإن كان ذلك جائزا إذا كان وجوب الدين في الصحة ) لأن الغريم استحق براءة ذمته عند إقرار الطالب بالقبض منه فلا يبطل استحقاقه بمرض الطالب ولأن حق الغرماء لا يتعلق في مرضه بالدين وأنما تعلق حقهم بما لا يمكن استيفاء الدين منه واستيفاء الدين من المدين غير ممكن وكان اقراره باستيفاء ما لم يتعلق به حق غرمائه في المرض والصحة سواء بخلاف ما إذا كان الدين على الوارث لأن بطلان إقراره هناك لحق الوارث وحقهم يتعلق بالدين والعين فإن كان الغريم أخا له وله بن فمات الابن قبل الاب حتى صار الأخ من ورثته لم يجز إقراره بقبض الدين منه وقد بينا هذه الفصول في إقراره بالدين لمن لم يكن وارثا ثم صار وارثا بسبب قائم وقت الإقرار فصار غير وارث فكذلك هذه الفصول في الإقرار بالاستيفاء إن أقر بالدين إذ الإقرار بالاستيفاء بالدين على ما بينا .
( ولو خلع امرأته في مرضه على جعل وانقضت عدتها فأقر باستيفائه منها وليس عليه دين في الصحة ولا في المرض كان مصدقا ) لأنها بانقضاء العدة خرجت من أن تكون وارثة بيقين فإقراره باستيفاء الدين منها ومن أجنبي آخر سواء واشتراطه انقضاء العدة صحيح لأن إقراره قبل العدة تتمكن فيه تهمة المواضعة فإنها لو لم تساعده على الخلع حتى فارقها لا تخرج عن أن تكون وارثة فيحتمل أنها ساعدته على الخلع ليتضح إقراره باستيفاء الدين منها فلزوال هذه التهمة شرط انقضاء العدة .
وكذلك اشتراطه أن لا دين عليه في الصحة لأن دين الصحة مقدم على ما يقر به في المرض فأما اشتراطه أن لا دين عليه في المرض فسبب معاين صحيح وإن كان المراد بسبب الإقرار .
فالمراد في حكم الاختصاص أنها إنما تختص بما في ذمتها إذا لم يكن على المقر دين في مرضه وكذلك لو صالح عن قصاص في مرضه على مال ثم أقر بقبضه وهو على غير وارثه صدق في ذلك بخلاف ما إذا كان على وارثه لأن بالصلح قد انقلب الواجب مالا ففي إقراره بقبضه من الوارث اتصال منفعة المالية إليه والمريض لا يملك ذلك في حق وارثه بخلاف عفوه عن القصاص فإن ذلك ليس بمال وإنما يمنع المريض من أن يقر لوارثه بما هو مال .
وإن أقر العبد التاجر بقبض دين كان له على مولاه فإن لم يكن عليه دين جاز لأن كسبه خالص حق مولاه ولأن العبد لا يستوجب على مولاه دينا إذ لم يكن عليه دين فبراءة المولى لا تكون بإقراره وإن كان عليه دين لم يجز إقراره بذلك لأن المولى يخلف عبده في كسبه خلافة الوارث حتى تتعلق سلامته له بشرط الفراغ عن الدين للعبد فيكون إقراره لمولاه في مرضه إذا مات منه بمنزلة إقرار المورث لوارثه وكما تمكن هناك تهمة إيثاره على سائرالورثة تمكن هنا تهمة إيثاره مولاه على غرمائه