شيء فقد جعل في هذا الفصل الكلام الموصول والمقطوع سواء لأنه ليس في آخر كلامه ما يغير موجبه أو له بأن موجب أول الكلام أن الوديعة ليست من تركة الميت ولم تكن مملوكة له فظاهر وهذا لا يتغير بإقراره بالدين فلا يتوقف أول الكلام علي آخره كمن يقول لامرأته قبل الدخول بها أنت طالق وطالق بخلاف الاول فإن موجب أول الكلام هناك استحقاق الأول جميع التركة ويتغير ذلك بآخر كلامه فيتوقف أوله على آخره .
توضيح الفرق أن الإقرار بالوديعة نفسها ليس من جنس إقراره بالدين لأن موجب أحدهما استحقاق ملك الغير وموجب الآخر استحقاق الدين في الذمة على أن يكون مستوفيا من العين فلعدم المحاسبة لم يتحقق العطف فكان الموصول والمقطوع سواء بخلاف الأول فالمجانسة بين الكلامين هناك ثابتة .
ولو قال لفلان على أبي ألف درهم وهذه الألف وديعة لفلان تحاصا فيه لأنه لما قدم الإقرار صارت الألف كلها مستحقة للغريم بالدين فإقراره بالوديعة صادف محلا مشغولا فمنع ذلك الاختصاص المودع بالعين لما فيه من إبطال حق الأول وانقلب هذا إقرار بالدين لأنه أقر بوديعة مستهلكة أو بوديعة جهلها المودع عند موته فهو والإقرار بالدين سواء .
وقد بينا أنه لو أقر بدينين في كلام موصول تخاصا فيه ولو قال لهذا على أبي ألف درهم لا بل لهذا فالألف للأول لأنه استدرك غلطه بالرجوع عن الإقرار للأول والإقرار به للثاني والرجوع عن الإقرار للأول باطل فيبقى الألف كلها له ولا شركة للثاني معه لأن الاشتراك من حكم العطف والوصل فكلمة لا بل للرجوع لا للعطف فلا يثبت به الاشتراك بينهما .
فإن دفعها إلى الأول بعضا لم يضمن للثانى شيئا لأن صحة إقراره بالدين على ابنه باعتبار ما في يده من التركة ولم يبق في يده شيء حقيقة ولا حكما فإن المدفوع بقضاء القاضي لا يكون مضمونا عليه وإن دفع إلى الأول بغير قضاء القاضي ضمن للثاني مثلها لأن إقراره على نفسه صحيح وقد أقر بأن الألف كلها للثاني وإنه غلط في الإقرار للأول إذا لم يكن له دين على الأب ودفعها إليه باختياره فيكون ضامنا المدفوع بناء على زعمه .
( ولو قال له رجل هذه الألف التى تركها أبوك وديعة لي وقال آخر لي على أبيك ألف درهم فقال صدقتما فعلى قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى الألف بينهما نصفان وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله صاحب الوديعة أولى بها ) وجه قولهما أن الإقرار بالوديعة أقوى حتى يصح في كلام موصول تقدم أو تأخر والإقرار بالدين لا يصح إذا تقدم ذكر