أوصي لوارثه ولأجنبي فإن الوصية تصح في نصب الأجنبي لأن ذلك أنسا عقدا فإذا صححناه في حق الأجنبي لم ينتفع به الوارث والإقرار إخبار بدين مشترك بينهما فإذا صححناه في نصب الأجنبي انتفع الوارث بالمشاركة معه في ذلك فإن كان كاذبا بالشركة بينهما أو أنكر الأجنبي الشركة وقال لي عليه خمسمائة ولم يكن بينى وبين وارثه هذا شركة لم يصح إقراره أيضا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وصح في قول محمد رحمه الله تعالى في نصب الأجنبي وجه قوله أنه لمهما بالمال وادعي عليهما الشركة في المقر به وقد صدقاه فيما أقر وكذباه فيما ادعي عليهما أو أنكر الأجنبي الشركة التى ادعاها إليه فلم تثبت الشركة بقوله وإذا لم تثبت الشركة بقي إقراره للأجنبي صحيحا لأن المانع من صحة الإقرار كان منفعة الوارث وعند انتفاع الشركة لا منفعة للوارث في صحة إقراره للأجنبي .
وجه قولهما أن الإقرار وقع فاسدا بمعنى من جهة المقر وهو قصده إلى اتصال المنع وإلى وارثه فلا ينقلب صحيحا لمعنى من جهة المقر له لأن فساده مانع من صيرورته دينا في ذمة المقر وليس للمقر له ولاية على ذمته في إلزام شيء فلا نقدر على تصحيح إقراره لما فيه من إلزام الدين في ذمته بخلاف ما إذا أقر بعبد في يده لهذا أو هذا فاصطلحا كان لهما أن يأخذاه لأن فساد الإقرار هناك ليس بمعنى من جهة المقر وهو عجز المجهول عن المطالبة به وقد زال ذلك باصطلاحهم وإذا كان المفسد معنى من جهتهما ولهما ولاية على أنفسهما صح منهما إزالة المفسد بالاصطلاح .
وكلام محمد رحمه الله تعالى ليس بقوي لأنه ما أقر لهما بالمال إلا بصفة الشركة بينهما ولا يمكن إثباته مشتركا لما فيه من منفعة الوارث ولا يمكن إثباته غير مشترك لأن ذلك غير ما أقر به وهذا بخلاف مالو أقر بالمال مؤجلا لأن الأجل ليس بصفة للمال وكيف يكون صفة للمال وهو حق من عليه المال .
( ألا ترى ) أن بعد حلول الأجل يبقي المال كما كان فأما هنا كونه مشتركا بينهما صفة لهذا الدين فلا يمكن إثباته بدون هذه الصفة لأن الدين إنما وجب بسبب وإذا وجب مشتركا بذلك السبب لا يصير غير مشترك مع بقاء ذلك السبب ما دام دينا لأن إيقاع الشركة يكون بالقسمة وقسمه الدين لا تجوز فإذا ثبت أنه لا يمكن إثباته غير مشترك كان تجاحدهما وتصادقهما على الشركة سواء .
ولو استقرض المريض من وارثه مالا بمعاينة الشهود كان هو بمنزلة الأجنبي في ذلك لأنه لا تهمة للسبب المعاين ولو أقر بمهر لامرأته يصدق فيما بينه وبين مثلها ويحاص غرماء الصحة لأنه لا تهمة في إقراره فوجب مقدار مهر المثل بحكم صحة