الهبة والوصية لأنها مضافة إلى ما بعد الموت حقيقة أو حكما .
( ألا ترى ) أنه لو وهب لأجنبية ثم تزوجها ثم مات لم تصح الهبة ونظر فيه إلى وقت الموت لا إلى وقت الهبة بخلاف الإقرار فكذلك هنا ولنا أنه ورث بسبب كان يثبت قائما وقت الإقرار فيتبين أن إقراره حصل لوارثه وذلك باطل وهذا لأن الحكم مضاف إلى سببه فإذا كان السبب قائما وقت الإقرار تثبت صفة الوارثة للمقر له من ذلك الوقت بخلاف الأجنبية إذا تزوجها لأنها صارت وارثة بسبب حادث بعد الإقرار والحكم لا يسبق سببه فلا يتبين أن الإقرار حين حصل كان للوارث وبخلاف ما لو أقر في الصحة ثم حصل له مرض حادث بعد الإقرار فالحجر بسببه لا يستند إلى وقت الإقرار ثم الفرق بين الإقرار والوصية أو الهبة في حق من صار وارثا بسبب حادث من موالاته أو زوجته أن الإقرار ملزم بنفسه ويتبين أن المقر به ليس من تركته فالوراثة الثابتة بسبب حادث بعده لا يكون مؤثرا فيه فأما الهبة والوصية كالمضاف إلى ما بعد الموت فإذا صار من ورثته بسبب حادث كان المانع قائما وقت لزومه فلهذا لا يصح وهو نظير إقرار المريض بالوديعة مع الهبة على ما بينا في الباب المتقدم .
وإن كان يوم أقر له وارثه بموالاة أو زوجته ويوم مات وارثه وقد خرج فيما بين ذلك من أن يكون وارثه يثبتونه أو فسخ الموالاه فالإقرار باطل في قول أبي يوسف رحمه الله وهو دائر في قول محمد رحمه الله .
وجه قوله أنه إنما ورث بسبب حادث بعد الإقرار فلا يؤثر ذلك في إبطال الإقرار كما في الفصل المتقدم وهذا لأن عقد الأول قد ارتفع ولم يرث به فكان وجوده عند الإقرار كعدمه والعقد الثاني متجدد وهو غير الأول ولا أثر له في إبطال الإقرار وهو قياس ما لو أقر به في مرضه ثم صح ثم مرض ومات .
وأبو يوسف رحمه الله يقول الإقرار حصل للوارث وتثبت له هذه الصفة عند الموت وكان الإقرار باطلا كما لو ورث بأخوة كانت قائمة وقت الإقرار وهذا لأن الإقرار إنما لا يصح ليمكن تهمة الإيثار فإذا كان سبب الوراثة موجدا وقت الإقرار كانت هذه التهمة متمكنه والعقد المتجدد قام مقام العقد الأول في تقرر صفة الوراثة عند الموت فيجعل كأن الأول قائم له بخلاف ما إذا انعدمت صفة الوارثة عند الإقرار لأن تهمة الوارثة غير متقررة ثمة فصح الإقرار مطلقا .
ولو أقر لوارثه أو لأجنبي ثم مات المقر له ثم مات المريض ووارث المقر له من ورثة المريض لم يجز ذلك الإقرار في قول أبي يوسف الأول رحمه الله .
وهو جائز في قوله الآخر وهو قول محمد