في إقراره فيكون صحيحا ومتى لم يقدر على تحصيل مقصوده بطريق الإنساء كان متهما في الإقرار به فلا يصح إقراره في حق الغير .
( ألا ترى ) أن الوكيل بالبيع قبل العزل إذا قال كنت بعت كان إقراره صحيحا بخلاف ما بعد العزل والمطلق قبل انقضاء العدة إذا أقر أنه راجعا صح إقراره بخلاف ما بعد انقضاء العدة والمولى قبل انقضاء المدة إذا قال فئت إليها كان إقراره صحيحا بخلاف ما بعد انقضاء المدة إذا عرفنا هذا فنقول هو مالك لإيجاب مقدار الثلث للأجنبي بطريق الهبة والوصية فتنتفى التهمة عن الإقرار له في ذلك القدر وإذا صح إقراره بين ان ذلك القدر ليس من جملة ماله فيصح إقراره في ثلث ما بقي باعتبار أنه يملك الحق فيه بطريق الاستثناء ثم لا يزال يدور هكذا حتى يأتي على جميع المال أنى مالا يمكن ضبطه فلهذا صححنا إقراره للاجنبي بجميع المال .
وإذا أقر المريض بدين ثم مات في مرضه ذلك تحاص الغرماء في ماله سواء كان الإقرار منه في كلام متصل أو منفصل لأن الإقرارين تجمعهما حالة واحدة وهي حال المرض فكأنهما وجدا معا لأن حق الغرماء إنما يتعلق بماله بموته ويستند إلى أول المرض لأنه سبب الموت والحكم إذا انفرد استند إلى سببه فهنا تعلق الدينان جميعا بماله في وقت واحد وهو عند الموت واستند إلى سبب واحد وهو المرض فاستويا فيه .
والدليل عليه إنه كما يصير بسبب الدين الأول محجورا عليه عن التبرع عند الإقرار الثاني يصير بسبب الإقرار الثانى محجورا عليه عن التبرع عند الإقرار الأول لأنه لو أقر بدين أولا ثم وهب شيئا لم تصح هبته حتى يقضي الدين .
وكذلك لو وهب أولا في مرضه ثم أقر بدين لم يصح هبته حتى يقضي الدين فيتبين بهذا أن الدينين استويا في القوة وإن سبب كل واحد منهما يثبت الحجر عن التبرع عند الإقرار الآخر فيتحاصان .
وكذلك لو أقر بدين ثم بوديعة لأنه لما سبق الإقرار بالدين فقد ثبت في ذمته على أن يتعلق بتركته عند موته وما في يده تركته من حيث الظاهر فإقراره بعد ذلك بوديعة بعينها لا يكون صحيحا في إبطال ما كان بفرض الثبوت فهو كالثابت لتقرر سببه وتعلق الدين بالمال عند الموت لخراب الذمة وسبب الموت هو المرض فيستند حكم الخراب إلى أول المرض ويصير كأن الدين كان متعلقا بهذه العين حين أقر بأنه وديعة فلا يقبل إقراره في إبطال حق الغريم عنه .
وإذا لم يقبل إقراره بذلك صار هو مستهلكا للوديعة بتقديم الإقرار بالدين عليها والإقرار بالوديعة المستهلكة إقرار بالدين فكأنه أقر بدينين فيتحاصان .
ولو أقر بالوديعة أولا ثم بالدين فالوديعة أولى لأنه حين أقر بها لم يكن