لو قال لا أغصبك بعد هذه المائة شيئا فهذا إقرار بالمائة لأن معنى كلامه بعد غصبي منك هذه المائة لا أغصبك شيئا فهذا إظهار للتوبة من غصب باشره ووعد من نفسه أن لا يعود إلى مثله وكذلك لو قال لم أغصبك مع هذه المائة شيئا لأن مع للضم والقرآن فقد نفى إنضمام شيء إلى المائة في حال غصبه إياها وذلك لا يتحقق إلا بعد غصب المائة .
وكذلك لو قال لم أغصب أحدا بعدك أو قبلك أو معك فهذا كله إقرار بأنه غصبه إياه لما بينا .
ولو قال أقرضتك مائة درهم فقال ما استقرضت من أحد سواك أو من أحد غيرك أو من أحد قبلك أو لا أستقرض من أحد بعدك أو لم أستقرض من أحد معك فليس شيء من هذا كله إقرار لأن معنى كلامه لا استقرضت منك .
ولو صرح بهذا اللفظ لم يلزمه شيء فكذلك إذا أتى بما يدل عليه هذا لأن الاستقراض طلب القرض فإن أهل النحو يسمون هذه السين سين السؤال وليس كل من طلب شيئا وجده ولا من سئل شيئا أعطى فلم يكن في كلامه ما يكون إقرارا بالسبب الموجب وهذه من أعجب المسائل فإن إقراره بفعل الغير بهذا اللفظ موجب للمال عليه بأن يقول أقرضني مائة درهم وإقراره بفعل نفسه لا يكون موجبا بأن يقول استقرضت منك .
ولو قال مالك على مائة درهم أو سوى مائة درهم فهذا إقرار بالمائة لأنه استثناء من النفى وذلك دليل الإثبات .
وكذلك لو قال مالك على أكثر من مائة درهم لأن نفيه الزيادة علي المائة دليل على وجوب المائة وماثبت بالدلالة فهو كالثابت بالنص .
ولو قال مالك علي أكثر من مائة درهم ولا أقل لم يكن هذا إقرار وكان ينبغى أن يجعل هذا إقرارا بالمائة لأنه نفى أن يكون الواجب عليه أكثر من مائة أو أقل من مائة وذلك إقرار بالمائة ولكنه اعتبر الفرق الظاهر وقال في العادة نفي القليل والكثير يكون مبالغة في النفي كمن يقول اليس لك على قليل أو كثير ولا قليل ولا كثير فهذا لا يكون مساسا ثم في كلامه تصريح بنفي أن يكون ما دون المائه واجبا وذلك بنفي أن يكون المائة واجبه ضرورة لأن المائة إذا وجبت كان ما دونها واجبا .
وإنما قلنا أنه تصريح بنفى وجوب ما دون المائة لأن قوله ولا أقل عطف وحكم العطف حكم المعطوف عليه فإذا كان المعطوف عليه نفيا للوجوب فكذلك المعطوف ولو قال لي عليك ألف درهم فقال بل تسعمائة كان إقرارا بتسعمائة لأن كلامه لا يستقل بنفسه فلا بد من حمله على الجواب معناه بل الواجب تسعمائة وكلمة بل لاستدراك الغلط فقد استدرك غلطه في الزيادة على هذا القدر في دعواه وذلك لا يكون إلا بعد وجوب هذا المقدار فلهذا كان مقرى بتسعمائة .
( رجل قال