فكما أن الإقرار للمنفصل بالمال مطلقا يكون إقرارا صحيحا فكذلك الإقرار به للحنين ولأبي يوسف رحمه الله أن مطلق الإقرار بالمال محمول على الالتزام بالعقد فكأنه أقر به وهذا لأن دينه وعقله يمنعانه من الاستهلاك ويدعو به إلى الالتزام بالعقد فيجب حمل مطلق إقراره عليه .
( ألا ترى ) أن أحد المتفاوضين إذا أقر بمال مطلق يلزم شريكه والعبد المأذون إذا أقر بالمال مطلقا يصح إقراره ويؤخذ به في الحال وكان ذلك باعتبار حمل مطلق الإقرار على جهة التجارة فكذلك هنا يحمل مطلق إقراره على جهة التجارة فكأنه بين جهة التجارة ولأن الإقرار ابتداء هنا يقع للجنين وهو ليس من أهل أن يثبت له حق ابتداء ما لم ينفصل ولهذا لا يلي عليه أحد لأنه ما دام مختبئا في البطن فهو في حكم الإجراء والأبعاض فأما العتق والوصية مما يحتمل التعليق بالشرط فيجعل كالمضاف إلى ما بعد الانفصال والإقرار بالسبب ليس بإيجاب حق له ابتداء بل إخبار بأنه علق من مائه والإقرار باستهلاك ميراث أو وصية له لا يكون إيجابا للجنين ابتداء بل يكون إقرار للمورث والموصي ثم ينتقل إليه بسبب الإرث والوصية إن انفصل حيا أما هذا إيجاب الحق للجنين ابتداء وهو ليس بأهل لذلك فلهذا بطل إقراره والله أعلم .
$ باب الخيار $ قال رحمه الله ( رجل أقر لرجل بدين من قرض أو غصب أو وديعة أو عارية قائمة أو مستهلكة على أنه بالخيار ثلاثة أيام فالإقرار جائز والخيار باطل أما جواز الإقرار فلوجود الصيغة الملزمة بقوله علي أو عندي لفلان وأما الخيار فباطل ) لأن الإقرار باطل إن اختار ولا يليق به الخيار لأن الخبر إن كان صادقا فصدق اختاره أو لم يختره .
وإن كان كذبا لم يتعين باختياره وعدم اختياره وإنما ما يبر يشترط الخيار في العقود بالشرط ليتغير به صفة العقد ويتخير من له بين فسخه وإمضائه ولأن الخيار في معنى التعليق بالشرط فما دخل عليه وهو حكم العقد والإقرار لا يحتمل التعليق بالشرط فكذلك لا يحتمل اشتراط الخيار إلا أن التعليق يدخل على أصل السبب فمنع كون الكلام إقرارا والخيار يدخل على حكم السبب فإذا لغى بقي حكم الإقرار وهو اللزوم ثانيا وهذا كما أن التعليق بالشرط يمنع وقوع الطلاق واشتراط الخيار لا يمنعه ويستوي إن صدقه صاحبه في الخيار أو كذبه وهذا بخلاف ما إذا أقر بدين من ثمن