دليل على أنه كان ممنوعا منه من صاحبه حتى غلب عليه فغصبه وهذا مما يجري فيه التمانه فإذا تبين شيئا بهذه الصفة قبل بيانه لأن هذا بيان مقرر لأصل كلامه .
وبيان التقرير صحيح موصولا أو مفصولا فإن ساعده المقر على ما بينه أخذ وإن ادعى غيره فالقول قول المقر مع يمينه لأنه حرج عن موجب إقراره بما بين فإذا كذبه المقر له فيه صار رادا إقراره بنفي دعواه شيئا آخر عليه وهو لذلك منكر فالقول قوله مع يمينه ويستوي إن بين شيئا يضمن بالغصب أو يضمن بعد أن يكون بحيث يجري فيه التمانع حتى المغصوب فالقول قوله مع يمينه وكذلك إن بين أن المغصوب دار فالقول قوله .
وإن كانت الدار لا يضمن بالغصب عند أبي حنيفة رحمه الله واختلف المشايخ رحمهم الله فيما إذا بين المغصوب زوجته أو ولده الصغير .
فمنهم من يقول بيانه مقبول لأنه موافق لمبهم كلامه فإن لفظ الغصب يطلق على الزوج والولد عادة والتمانع فيه يجري بين الناس أكثر مما يجري في الأموال وأكثرهم على أنه لا يقبل بيانه بهذا لأن حكم الغصب لا يتحقق إلا فيما هو مال فبيانه ما ليس بمال يكون إنكار الحكم الغصب بعد إقراره بسببه وذلك غير صحيح منه وفرق بين هذا وبين الخلع فإن من خالع امرأته على ما في بيتها من شيء فإنه ليس في البيت شيء كالخلع مجازا وله أن يجعل تسمية الشيء فيه دليلا على المالية بخلاف تسيمة المتاع لأن الخلع من أسباب الفرقة والفرقة قد تكون بغير بدل في العادة فلا يكون فيما صرح دليلا على المالية في الشيء المذكور فأما الغصب لا يطلق في العادة إلا فيما هو مال ولا يثبت حكمه شرعا إلا فيما هو مال فالتنصيص عليه دليل على المالية في الشيء المذكور والعصر قبل الخمر كان مالا فسد تقومه بالتخمر شرعا وصار المسلم ممنوعا من تموله من غير انعدام أصل المالية فيه .
( ألا ترى ) أنه بالتخلل يصير مالا متقوما وهو ذلك الغير فلهذا صح بيانه ثم الخمر محل لحكم الغصب ولهذا كان غاصب الخمر من الذمي ضامنا لهذا قبل بيانه .
وكذلك لو أقر أنه غصب عبدا فهذه الجهالة دون الأول لأن جنس المقر به صار معلوما هنا ثم التوسع في الإقرار أكثر منه في الخلع والصلح عن دم العمد والنكاح وتسمية العبد مطلقا صحيح في هذه العقود ففي الإقرار الأول أن في هذه العقود ينصرف إلى الوسط لأنه عقد معاوضة فيجب النظر فيه من الجانبين وذلك بتعين الوسط الذي هو فوق الوكس ودون الشطط والإقرار لا يقابله شيء فلا يتعين فيه الوسط بل يكون المقر فيه مقبولا إذا لم يخالف ما يلفظ به سواء بين الرديء أو المعيب فاسم العبد أولى .
توضيح الفرق أن الغصب فعل يستدعي