الدعوى ولو قال أحدهما هو غلام من صفة جسده كذا وقال الآخر هي جارية من صفة جسدها كذا فأيهما أصاب ذلك فهو أحق به لظهور علامة الصدق في كلامه وظهور دليل الكذب في كلام خصمه .
ولو ادعاه واحد وقال هو غلام فإذا هي جارية لم يصدق على ذلك لظهور دليل الكذب في دعواه .
ولو كان سبب قضاء الشهادة لم يقض بها مع ظهور دليل الكذب فكذلك إذا كان سبب القضاء الدعوى لا يقضي بها مع ظهور دليل الكذب ولأنه يدعي نسب الغلام وليس هنا غلام حاضر ودعوة المعدوم باطل .
قال ( فإن كان اللقيط في يد مسلم وادعاه ذمي فالقياس لا يثبت النسب منه وهذا غير القياس الأول في دعوة اللقيط ) لأنا قد حكمنا بإسلام الولد هنا باعتبار الدار ولا قول للذمي في دعوة نسب الولد المسلم ولكنه استحسن فقال في دعواه شيئان أحدهما ثبوت نسب الولد وفيه منفعة والآخر كفر الولد وفيه ضرر عليه فتصح دعوته فيما ينفع الولد دون ما يضره إذ ليس من ضرورة النسب تبعة الأبوين في الدين كالصغير إذا سبي وليس معه واحد من أبويه يكون ثابت النسب من الحربي بيقين محكوم بإسلامه .
ثم المسألة على أربعة أوجه إما أن يكون الملتقط مسلما وقد وجد في مصر من أمصار المسلمين فيكون محكوما له بالإسلام أو وجده ذمي في بيعة أو كنيسة أو قرية من قرى أهل الذمة فيكون كافرا .
فأما إذا وجده مسلم في بيعة أو كنيسة أو وجده ذمي في مسجد من مساجد المسلمين .
قال في كتاب اللقيط العبرة للمكان وقال في كتاب الدعوى العبرة للواحد وروى بن سماعة عن محمد رحمهما الله أنه يحكم لذي اللقيط وسماه .
وجه رواية كتاب اللقيط أن المكان إليه أسبق من يد الواحد والحكم للسابق لأن الظاهر أن أهل الذمة يضعون أولادهم في مساجد المسلمين وأن المسلمين لا يضعون أولادهم في البيع والكنائس والحكم بالظاهر واجب عند تعذر الوقوف على الحقيقة .
ووجه رواية هذا الكتاب أن اللقيط في حكم المباح فمن سبقت يده إليه صار محرزا له وكان الحكم ليده إذ ليس للمكان يد معتبرة .
( ألا ترى ) أن المباح يملك بالإحراز باليد دون المكان .
ووجه رواية بن سماعة رحمه الله أن الحكم بالزي والسيما واجب كالبالغ الذي يوجد في دار إذا قال أنا مسلم فإن كان عليه سيما المسلمين قبل قوله والأصل فيه قوله تعالى ! < يعرف المجرمون بسيماهم > ! 41 .
وتفسير هذه الرواية ذكره بن سماعة رحمه الله أنه إذا كان في عنقه صليب وعليه ثوب ديباج ووسط رأسه محرز فالظاهر أنه من أولاد النصارى فلا يحكم له بإسلامه يقول في الكتاب .
فإن كان في يد مسلم فدعاه ذمي وأقام