ولا يتصور تحويله من شخص إلى شخص وبإقراره ثبت منه لكون الإقرار حجة عليه .
فإن ( قيل ) أليس أن النسب يثبت من الزوج بفراش النكاح ثم يملك نفيه باللعان .
( قلنا ) لأن ثبوته هناك بحكم الفراش على احتمال أن لا يكون منه فيتصور نفيه أما هنا بثبوت النسب منه بتنصيصه على أنه مخلوق من مائه فلا يبقى بعده احتمال النفي كالمشتري إذا أقر بالملك للبائع ثم استحق من يده ورجع بالثمن لم يبطل إقراره حتى إذا عاد إلى يده يوما يؤمر بتسليمه إلى البائع بخلاف ما إذا اشتراه ولم يقر له بالملك لأن نفس الشراء .
وإن كان إقرار بالملك فالاحتمال فيه باق بخلاف الإقرار به نصا .
وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال مر عمر رضي الله عنه على جارية تسقي مع رجل من بئر فقال لمن هذه فقالوا لفلان قال ولعله يطأها قالوا نعم قال أما أنها لو ولدت ألزمته ولدها وبظاهره يأخذ الشافعي رحمه الله فنقول الأمة تصير فراشا بنفس الوطء ولا حجة له فيه لأن عنده الفراش إنما يثبت بإقرار المولى وهنا الإقرار في الأجانب وبه لا يثبت الفراش فأما أن يحمله على أنه عرف أنها أم ولده أو يحمل على أن مراده من ذلك حث الناس على تحصين الجواري ومنعهن عن الاختلاط بالرجال فقد ظهر أن عمر رضي الله عنه ما يخالف هذا على ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان له جارية وكان يطأها فجاءت بولد ونفاه وقال اللهم لا يلحق بآل عمر من لا يشبههم فأقرت أنه من فلان الراعي .
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه كان يطأ جاريته فجاءت بولد فنفاه فقال كنت أطأها ولا أبغي ولدها أي أعزل عنها وهكذا نقل عن بن عباس وبن عمر رضي الله عنهما .
والذي ذكر في الكتاب عن بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال من وطىء وليدة له فضيعها فالولد منه والضياع عليه لا حجة فيه للخصم لأن الوليدة اسم لأم الولد فإنه فعيل بمعنى فاعل أي والده وذكر عن عمر رضي الله عنه قال حصنوهن أو لا تحصنوهن أيما رجل وطىء جارية فجاءت بولد ألزمته إياه وإنما قال ذلك على سبيل الحث للناس على تحصين السراري ومنعهن عن الخروج .
ثم لا خلاف بين العلماء رحمهم الله أن النسب يثبت بالفراش والفراش تارة يثبت بالنكاح وتارة يثبت بملك اليمين فأما الفراش في النكاح الصحيح يثبت بنفسه إذا جاءت بالولد لمدة يتوهم أن العلوق بعد النكاح ثبت النسب على وجه لا ينتفي إلا باللعان إذا كان من أهل اللعان .
وكذلك النسب يثبت بشبهة النكاح إذا اتصل به الدخول وهذه الشبهة تثبت بالنكاح الفاسد تارة وبإخبار المخبر أنها امرأته تارة لأن الشبهة تعمل عمل الحقيقة فيما هو مبني على