معروف قضيت به للمشكل لأن علامة الكذب ظهرت في شهادة الآخرين ولم تظهر في شهادة هؤلاء لكونه محتملا للوقت الذي وقتوه .
قال ( ولو كان الصبي في يد رجل فأقامت امرأة شاهدين أنه ابنها قضيت بالنسب منها ) لإثباتها الدعوى بالحجة وإن كان ذو اليد يدعيه لم يقض له به لأن مجرد الدعوى لا يعارض البينة .
فإن ( قيل ) لا منافاة بين ثبوته منه ومنها .
( قلنا ) نعم ولكن لا يمكن إثبات النسب منهما إلا بالقضاء بالفراش بينهما ومجرد قوله ليس بحجة عليها في إثبات الفراش في النكاح بينهما ولو لم تقم المرأة إلا امرأة واحدة شهدت أنها ولدت .
فإن كان ذو اليد يدعي أنه ابنه أو عبده لم يقض للمرأة بشيء لأن الاستحقاق الثابت باليد لا يبطل بشهادة المرأة الواحدة فإنها ليست بحجة في إبطال حق ثابت للغير .
وإن كان الذي في يديه لا يدعيه فإني أقضي به للمرأة بشهادة امرأة واحدة وهذا استحسان .
وفي القياس لا يقضى لأن اليد في اللقيط مستحق لذي اليد حتى لو أراد غيره أن ينزعه من يده لم يملك فلا يبطل ذلك بشهادة امرأة واحدة .
وفي الاستحسان تمحض هذا منفعة للولد في إثبات نسبه وحريته وليس فيه إبطال حق لذي اليد لأنه لا يدعي في الولد شيئا إنما يده فيه صيانة عن ضياعه فلهذا أثبتنا النسب منها بشهادة القابلة .
قال ( عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه وأنه أعتقه وأقام ذو اليد البينة أنه عبده ولد في ملكه فإني أقضي به للذي أعتقه ) لأن في هذه البينة زيادة الحرية فلو رجحنا بينة ذي اليد جعلناه مملوكا له وكيف يجعل مملوكا وقد قامت البينة على الحرية ولو كان المدعي دبره أو كاتبه لم يستحق بهذا شيئا أما في الكتابة لا إشكال لأنه عقد محتمل للفسخ كالبيع والإجارة فكأنه أقام البينة على تصرفه فيه ببيع أو إجارة فلا يترجح به وأما في التدبير فقد أعاد المسألة في آخر الكتاب وجعله كالعتق ففيه روايتان .
وجه تلك الرواية أن بالتدبير يثبت له حق عتق لا يحتمل الفسخ فكان معتبرا بحقيقة العتق لأنه يثبت الولاء على العبد ببينته في الموضعين جميعا وإذا كان الولاء هو المقصود والملك بيع فتترجح بينة الخارج لهذا وجه هذه الرواية أن التدبير لا يخرجه من أن يكون مملوكا كالكتابة فكان الملك هو المقصود بالإثبات لكونه قائما فتترجح بينة ذي اليد لإثبات الولادة في ملكه بخلاف العتق فإن الملك لا يبقى بعد العتق فيكون المقصود هناك إثبات الولاء .
ولو أقام الخارج البينة أنه ابنه ولد في ملكه وأقام ذو اليد البينة أنه عبده ولد في ملكه قضي به للمدعي لأن في بينته إثبات الحرية فإن المولود من أمته في ملكه حر الأصل وإذا كان يترجح عنده إثبات حرية العتق