احتماله فيه لا يمنعنا من العمل بظاهره فأما الشهادة لا توجب الحق إلا بقضاء القاضي وإنما يقضي القاضي بالمشهود به فإذا لم يكن في الشهادة تنصيص على ملك أو يد للمدعي فالمدعي لا يقضى به له .
توضيح الفرق أن في إقراره بيان أنه كان في يده فكأنه قال كان في يد هذا أمس فيؤمر بالرد عليه وفي الشهادة كذلك ولكن لو شهدوا أنه كان في يده أمس لا يستحق به شيئا .
قال ( وإن شهدوا أن هذا التمر أخذه هذا من نخل فلان قضي له به بمنزلة ما لو شهدوا أنه أخذه من يد فلان ) لأن المتصل بنخله من التمر يكون في يده .
ولو شهدوا أنه خرج من نخل فلان وهو يملكه أو أن هذا العبد ولدته أمة فلان وهو يملكها قضي له بجميع ذلك لأنهم صرحوا بالولد من ملكه والمتولد من ملك الإنسان يكون مملوكا له إلى أن يتملكه الغير بسبب عارض من وصية أو غيرها فكان هذا وشهادتهم بالملك له في المدعى سواء وكذلك لو شهدوا أن هذه الحنطة من زرع هذا لأنهم أضافوا إليه بالملكية وشهدوا أن هذه الحنطة جزء منه فإن من للتبعيض فكان هذا تنصيصا على الشهادة بالملك له في الحنطة وكذلك لو شهدوا أن هذا الزبيب من كرم هذا وهذا التمر من نخل هذا قضي له به لشهادتهم بالتولد من ملكه .
ولو شهدوا أن فلانا غزل هذا الثوب من قطن فلان وهو يملك القطن ونسج الثوب فإني أقضي على الذي غزل مثل ذلك القطن لما بينا أن ملك القطن ليس بسبب لملك الثوب .
ولكن من غزل قطن الغير ونسجه فالثوب له وهو ضامن لمثل ذلك القطن .
وإن قال صاحب القطن أمرته بذلك أخذ الثوب لأنهما اتفقا على أنه كان مالكا للقطن والذي غزل ونسج يدعي تملكه عليه بالضمان وهو منكر لذلك فكان القول قوله كما لو ادعى التملك عليه بالبيع فأنكره .
وكذلك لو شهدوا أن فلانا طحن هذا الدقيق من حنطة فلان وهو يملكها قضي عليه بحنطة مثلها وإن قال رب الحنطة أنا أمرته أخذ الدقيق لما بينا .
قال ( وإذا كان الدجاج أو الشيء من الطيور في يد رجل فأقام رجل البينة أنه له فرخ في ملكه وأقام ذو اليد البينة على مثل ذلك قضي به لذي اليد ) لأن هذا في معنى النتاج لا يتكرر .
ولو أقام المدعي البينة أن البيضة التي خرجت هذه الدجاجة منها كانت له لم يقض له بالدجاجة ولكن يقضي على صاحب الدجاجة ببيضة مثلها لصاحبها لأن ملك البيضة ليس بسبب لملك الدجاجة فإن من غصب بيضة وحضنها ذلك تحت دجاجة كان الفرخ للغاصب وعليه بيضة مثل المغصوبة وهذا لا يشبه الولادة والنتاج لأن من غصب أمة أو دابة فولدت عنده لا يملك الولد بل هو لصاحب