الهيثم عن رجل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا ادعى ناقة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وأقام البينة أنها ناقته نتجها وأقام ذو اليد البينة أنها دابته نتجها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها للذي هي في يديه .
ولأن يد ذي البينة لا تدل على أولوية الملك فهو يثبت ببينته ما ليس بثابت فوجب بظاهر يده فوجب قبول البينة ثم تترجح بيده بخلاف الملك المطلق فإن هناك لا يثبت ببينته إلا ما هو ثابت له بظاهر يده فوجب قبول بينته ومعنى هذا الكلام وهو أن حاجة ذي اليد إلى دفع بينة الخارج وفي إقامته البينة على النتاج ما يدفع بينة الخارج لأن النتاج لا يتكرر .
فإذا أثبت أنه نتجها اندفع استحقاق الخارج ضرورة فأما في الملك المطلق فليس في بينته ما يدفع بينة الخارج لأن ملكه في الحال لا يبقى ملكا كان للخارج فيه من قبل فلهذا عملنا بينة الخارج هناك وكان عيسى بن إبان رحمه الله يقول الطريق عندي في النتاج تهاتر البينتين لتيقن القاضي بكذب أحدهما إذ لا تصور لنتاج دابة من دابتين فإنما يقضي بها لذي اليد فصار ترك لتهاتر البينتين وهذا ليس بصحيح فقد ذكر في الخارجين أقام كل واحد منهما البينة على النتاج إنما يقضي بها بينهما نصفين ولو كان الطريق ما قال لكان يترك في يد ذي اليد .
وكذلك لو كانت الشاة المذبوحة في يد أحدهما وسقطها في يد الآخر وأقام كل واحد منهما البينة على النتاج فيما يقضي بها وبالسقط لمن في يده أصل الشاة ولو كان الطريق تهاتر البينتين لكان يترك في يد كل واحد منهما ما في يده ولا معنى لقوله بأن القاضي تيقن بكذب أحد الفريقين لأن الشهادة على النتاج ليس بمعاينة الانفصال في الأم بل بدونه الفصيل يتبع الناقة فكل واحد من الفريقين اعتمد سببا صحيحا لأداء الشهادة فيجب العمل بها ولا يصار إلى التهاتر بمنزلة شهادة الفريقين على الملكين .
وكذلك لو كانت الدعوى في العبد والأمة وأقام كل واحد منهما البينة على الولادة في ملكه فهذا والنتاج في الدابة سواء وكذلك إذا أقام كل واحد منهما البينة أنه ثوبه نسجه فإن النسج في الثوب يوجب أولوية الملك فيه وهو لا يتكرر كالنتاج في الدابة إلا أن يكون الثوب بحيث ينسج مرة بعد مرة كالخز ينسج ثم ينكث فيغزل ثانيا فحينئذ يقضي به للخارج والحاصل أن النتاج مخصوص من القياس بالسنة فلا يلحق به إلا ما في معناه من كل وجه فأما ما ليس في معناه إلا من بعض الوجوه لا يلحق به لأنه لو ألحق به كان بطريق القياس ولا يقاس على المخصوص من القياس لأن قياس الأصل يعارضه وكل قياس لا ينفك عما يعارضه فهو باطل إذا ثبت هذا