عقد الرهن لا يتعلق به اللزوم في جانب المرتهن .
( فإن قيل ) فلماذا تقبل البينة عليه بذلك وهي لا تلزم شيئا .
قلنا إثبات السبب بالبينة صحيح وإن كان لا يتعلق به اللزوم في الحال كما في البيع بشرط الخيار للبائع أو للمشتري إلا أن يكونا شهدا عليه برهن هالك في يده فحينئذ هذا بمنزلة شهادتهما عليه باستيفاء الدين لأن الاستيفاء يتم بملك الرهن فيكونان متلفين للمال عليه فيضمنان له ذلك عند الرجوع .
وإذا عمل المضارب بالمال وربح فادعى أنه أخذه مضاربة بالنصف وشهد له شاهدان ورب المال يقول بالثلث وأخذ المضارب نصف الربح ورد الباقي ثم رجع الشاهدان ضمنا السدس الذي شهدا به لأن القول قول رب المال لولا شهادتهما فما زاد على الثلث إلى إتمام النصف إنما استحقه المضارب على رب المال بشهادتهما وقد أقرا بالرجوع أنهما أتلفا ذلك عليه بغير حق ولو كان الربح كله دينا لم يضمنا شيئا حتى يقبض فما قبض منه اقتسماه نصفين ويضمن الشاهدان سدسه لرب المال لأن وجوب الضمان عليهما بتفويت اليد على نفس المال ولا يتحقق ذلك ما لم يخرج الدين وتصل إلى المضارب حصته فعند ذلك يتم التفويت عليه بسبب شهادتهما ولو شهدا أنه أعطاه الثلث فلا ضمان عليهما في هذا الوجه إذا رجعا لأن القول قول رب المال بغير شهود فلم يتلفا على المضارب شيئا بشهادتهما إذ الاستحقاق لم يثبت له بمجرد دعواه النصف بخلاف الأول فرب المال هناك مستحق للربح باعتبار أنه ماله فهما أتلفا عليه بشهادتهما ما كان مستحقا له فيضمنان إذا رجعا .
ولو نوى رأس المال في الوجهين لم يضمنا شيئا لأنهما ما شهدا في رأس المال بشيء إنما شهادتهما في الربح ولم يظهر الربح ولو شهدا أنهما اشتركا ورأس مال كل واحد منهما ألف درهم على أن الربح بينهما أثلاثا وصاحب الثلث يدعي النصف وقد ربحا قبل الشهادة فقسمه القاضي بينهما أثلاثا ثم رجعا ضمنا لصاحب الثلث ما بين الثلث والنصف في كل ربح كان قبل الشهادة لأن كل واحد منهما مستحق لنصف الربح عند تساويهما في رأس المال والقول قول مدعي النصف لولا شهادتهما فما زاد على الثلث إلى النصف أتلفاه بشهادتهما على من أخذ الثلث بغير حق .
وما ربحا فيما اشتريا بعد الشهادة فلا ضمان عليهما فيه لأن كل واحد منهما متمكن من فسخ الشركة بغير رضا صاحبه فإقدامهما على التصرف بعد قضاء القاضي بأن الربح أثلاث يكون رضا منهما بذلك ورضا المتلف عليه يمنع وجوب الضمان على المتلف بطريق المباشرة فبالشهادة أولى ولو كان في يدي رجل مال فشهد شاهدان لرجل أنه شريكه شركة مفاوضة فقضى القاضي له بنصف