بنكاح ظاهر له والآخر بنكاح باطن له ففي ذلك من القبح ما لا يخفى والدين مصون عن مثل هذا القبح ولا يكون القاضي بقضائه ممكنا من الزنى ففيه من الفساد ما لا يخفى وإذا كان يثبت له ولاية إنشاء التفريق بين المتلاعنين وبين امرأته لنفيها به عن الزنى ويثبت له ولاية تزويج الصغير والصغيرة لمعنى النظر لهما فلأن يثبت له ولاية انعقاد العقد هنا لنفيها به عن الزنى ويصون قضاؤه به عن التمكين من الزنى أولى وكذلك يثبت له ولاية إنشاء التفريق بين المتلاعنين لقطع المنازعة مع يقينه بكذب أحدهما كما قال صلى الله عليه وسلم الله يعلم أن أحدكما لكاذب فكذلك يثبت له ولاية الإنشاء مع كذب الشهود لتوجه الأمر بالقضاء عليه شرعا وأمر القبلة على هذا فإنه لما توجه عليه الأمر بالصلاة إلى جهة القبلة وأتى بما في وسعه في طلب القبلة يثبت له ولاية نسب القبلة حتى أن الجهة التي أدى إليها اجتهاده تنتصب قبلة في حقه فتجوز صلاته إليها وإن تبين له الخطأ بعد ذلك وبهذا يتبين فساد ما قالوا أن المدعي عالم بما لو علمه القاضي امتنع من القضاء ففي اللعان الكاذب منهما عالم بما لو علمه القاضي امتنع من التفريق ومع ذلك نفذ القضاء في حقه لتوجه الأمر على القاضي وتوجه الأمر بالانقياد واتباع أمر القاضي في حق الناس وهذا بخلاف ما إذا ظهر أن الشهود عبيد أو كفار أو محدودون في قذف فإن هذه أسباب يمكن الوقوف عليها عند الاستقصاء ولكن ربما يلحقه الحرج في ذلك فللحرج تعذر بترك الاستقصاء ولكن لم يسقط الخطاب باصابتها حقيقة فلا يتوجه الأمر بالقضاء بدونها حقيقة فأما حقيقة الصدق فلا طريق إلى الوقوف عليه والأمر بالقضاء يتوجه بدونه وهو بمنزلة ما لو توضأ بماء أو صلى في ثوب لم يتبين أنه كان نجسا فإنه يلزمه الإعادة لهذا المعنى أو هو بمنزلة ما لو قضى باجتهاده ثم ظهر نص بخلافه .
فأما الأملاك المرسلة فليس للقاضي هناك ولاية الإنشاء لأن تمليك المال من الغير بغير سبب ليس فيه ولاية القاضي ولا لصاحب المال أيضا وفي أسباب تمليك المال كثرة فلا يمكن تعيين شيء منها فعرفنا أنه ليس له في ذلك الموضع إلا ولاية إظهار الملك .
فإذا لم يكن هناك ملك سابق فلا تصور لإظهاره بالقضاء والتكليف بحسب الوسع فبهذا تبين أنه لم يكن مأمورا بالقضاء باطنا فأما هنا له ولاية الإنشاء وطريقه متعين من الوجه الذي قلنا فباعتباره يصير مأمورا بالقضاء بالنكاح بينهما حقيقة .
يوضحه أن هناك القاضي لا يقول للمدعي ملكتك هذا المال وإنما يقصر يد المدعى عليه عن المال ويأمره بالتسليم إليه ليأخذه على أنه ملكه كما يدعيه وقضاؤه بهذا نافذ فأما هنا نقول قضيت