قضى القاضي بالبينة على خصم حاضر فذلك قضاء على من انتصب لهذا الحاضر خصما عنه .
فإذا جاء المولى وأنكر ذلك لم يلتفت إلى إنكاره وكان من القضاء بالعتق ماضيا لأن الحاضر بمنزلة الوكيل عن الغائب وهذا عندنا .
وقال زفر رحمه الله تعالى لا يقضي بالعتق حتى يحضر المولى ويقام عليه البينة لأن المعتق مدعى عليه واستدل على زفر رحمه الله تعالى بما قال أرأيت لو ادعى قتل رجل أنه قطع يده عمدا أو ادعى عليه قذفا وميراثا وأقام البينة أن مولاه أعتقه وأن هذا قطع يده بعد ذلك أو قدمه ألم أحكم عليه بما حكم به الحر على الحر فيكون ذلك قضاء على مولاه وإن كان غائبا .
وكذلك لو أقام رجل البينة على عبد أن مولاه أعتقه وأنه قطع يده بعد ذلك لو استدان منه دينا أو باعه أجزت ذلك وإن جاء المولى فأنكر عتقه لم أكلفه إعادة البينة وزفر رحمه الله تعالى في هذا كله مخالف إلا أن من عادة محمد رحمه الله تعالى الاستشهاد بالمختلف على المختلف لإيضاح الكلام والله أعلم بالصواب .
$ باب الشهادة في الشراء والبيع $ ( قال ) رحمه الله تعالى ( وإذا ادعى رجل شراء دار في يد رجل وشهد شاهدان وإن لم يسميا الثمن والبائع ينكر ذلك فشهادتهما باطلة ) لأن الدعوى إن كانت بصفة الشهادة فهي فاسدة وإن كانت مع تسمية الثمن فالشهود لم تشهد بما ( ادعاه ) المدعي ثم القاضي يحتاج إلى القضاء بالعقد ويتعذر عليه القضاء بالعقد إذا لم يكن الثمن مسمى لأنه كما لا يصح البيع ابتداء بدون تسمية الثمن فكذلك لا يظهر بالقضاء بدون تسمية الثمن ولا يمكنه أن يقضي بالثمن حين لم تشهد به الشهود وكذلك لو سمى الثمن واختلفا في جنسه أو في مقداره لأن المدعي يكذب أحدهما لا محالة ولأن كل واحد منهما يشهد بعقد غير ما يشهد به صاحبه فالبيع بالدنانير غير البيع بالدراهم ولا يتمكن القاضي من القضاء بواحد من العقدين لانعدام شهادة شاهدين عليه .
وكذلك إذا شهد أحدهما بالبيع بألف والآخر بالبيع بألف وخمسمائة ويستوي إن كان البائع هو المدعي للبيع أو الشراء .
وفي الخلع إن كانت المرأة هي التي تدعي فكذلك الجواب لأنها تكذب أحد الشاهدين .
وإن كان الزوج هنا المدعي في الخلع فشهد أحد الشاهدين على ألف والآخر على ألف وخمسمائة فشهادتهما مقبولة في مقدار الألف لأن الفرقة وقعت بإقرار الزوج وهذا منه دعوى الدين عليها في الحاصل وقد اتفق الشاهدان على الألف لفظا