واستحسانهم .
ألا ترى أنا نشهد أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما ماتا ولم ندرك شيئا من ذلك ونشهد أن فاطمة رضي الله عنها زوجة علي رضي الله عنه وأن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه ونشهد أن شريحا رضي الله عنه كان قاضيا ونشهد أنهم قد ماتوا ولم ندرك شيئا من ذلك ثم هذه أسباب يقضون بها على ما يشتهر فإن النسب يشتهر فيها بالتهنئة والموت بالتعزية والنكاح بالشهود والوليمة والقضاء بقراءة المنشور فنزلت الشهرة منزلة العيان في إفادة العلم بخلاف الأموال وغيرها .
يوضحه أن هذه الأمور قل ما يعاين سببها حقيقة فسبب النسب الولاة ولا يحضرها إلا القابلة وسبب القضاء تقليد السلطان ولا يعاين ذلك إلا الخواص من الناس والميت أيضا قل ما يعاينه كل أحد والنكاح كذلك إنما يحضره الخواص من الناس فلو لم تجز الشهادة عليها بالتسامع أدى إلى الحرج بخلاف البيوع وغيرها فإنه كلام يسمعه كل واحد وسبب الملك هو اليد وهو مما يعاينه كل أحد والنكاح كذلك إنما يحضره الخواص فلهذا لا تجوز الشهادة عليها بالتسامع ثم الأحكام التي تتعلق بهذه الأشياء الأربعة تبقى بعد انقضاء قرون فلو لم تجز الشهادة عليها بالتسامع لتعطلت تلك الأحكام بانقضاء تلك القرون .
ولهذا قلنا في الصحيح من الجواب أن الشهادة على أصل الوقف بالتسامع جائزة ولكن على شرائط الوقف لا تجوز الشهادة بالتسامع لأن أصل الوقف يشتهر فأما شرائطه لا تشتهر ولا بد للشاهد من نوع علم ليشهد .
فإن كان الشاهد لا يعرف الرجل إلا أن المدعي أخبره بذلك أو شهد به عنده رجل ما ينبغي له أن يشهد حتى يكون النسب مشهورا أو شهد به عنده رجلان عدلان لئلا يقول المدعي بشهادة رجل واحد عنده لا يحصل الاشتهار ولا يتم شرعا وإنما ثبت له العلم هنا بالاشتهار عرفا أو شرعا فالاشتهار عرفا بأن يعلمه أكثر الناس والاشتهار شرعا بشهادة رجلين .
ألا ترى أن الإعلان في النكاح شرط ويكون ذلك شرعا بشهادة رجلين إلا أن فيما يتردد بين الصدق والكذب لا بد من عدالة الرجلين كما في الشهادة عند القاضي فإذا شهد بذلك عنده رجلان فقد وجد الإشهاد عنده شرعا وولاية الشهادة دون ولاية القضاء فإذا كان يجوز للقاضي أن يقضي بشهادة رجلين عنده فلان لا يجوز له إذا شهد عنده به رجلان عدلان أولى .
ولو قدم عليه رجل من بلد آخر وانتسب له وأقام معه دهرا لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يلقى من أهل بلده رجلين عدلين ممن يعرفه يشهدان له على ذلك ثم يسعه الشهادة عليه لأنه يحصل له بذلك نوع علم وذلك كاف فيما لا يشترط