الاستحسان أن الثابت بهذه الشهادة تصرف وليه الكافر وشهادة الكفار حجة في ذلك والوصي نائب عنه بعد موته فيكون بمنزلة الوكيل في حياته ولو وكل كافر مسلما بخصومة فشهد عليه كافران بالدين قبلت البينة .
يوضحه أن قضاء الدين من حق الميت وهو إنما نصب الصبي ليتدارك به ما فرط في حياته وإنما يتم له هذا المقصود إذا اعتبرنا حاله فيما يقام عليه من الحجة لا حال الوصي فكذلك تجوز شهادة الكافر على المكاتب الكافر والعبد المأذون الكافر وإن كان مولاه مسلما يتصرفان لأنفسهما ولهذا لا يرجعان بعهدة التصرف على أحد فالاستحقاق بهذه الشهادة يقتصر عليهما ثم المولى بالإذن وإيجاب الكتابة فقد صار راضيا بالاستحقاق عليهما بشهادة الكفار لما باشر العقد مع علمه بحالهما كما صار راضيا باستحقاق الكسب بإقرارهما .
ولو كان العبد المأذون له مسلما ومولاه كافرا لم تجز شهادة الكفار على العبد لأنه يقوم الاستحقاق على المسلم ولو وكل كافرا مسلما بشراء أو بيع لم يجز على الوكيل في ذلك شهادة الكفار لأن الوكيل بالشراء والبيع في حقوق العقد كالعاقد لنفسه فإنما تقوم هذه البينة على المسلم ولو وكل مسلم كافرا بذلك جازت شهادة الكفار على الوكيل لأنه بمنزلة العاقد بنفسه ثم إيجابه العقد كلامه فيثبت بهذه الشهادة كإقراره ولو شهد على إقراره بذلك قبلت الشهادة وجعلت بمنزلة ما لو ثبت إقراره بالمعاينة فكذلك إذا شهد على العقد والله أعلم بالصواب .
$ باب شهادة النساء $ ( قال ) رحمه الله تعالى ( ولا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا فيما ينظر إليه الرجال الولادة والعيب يكون في موضع لا ينظر إليه إلا النساء ) لأن الأصل أن لا شهادة له للنساء فإنهن ناقصات العقل والدين كما وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالنقصان يثبت شبهة العدم ثم الضلال والنسيان غلب عليهن وسرعة الانخداع والميل إلى الهوى ظاهر فيهن وذلك يمكن تهمة في الشهادة وهي تهمة يمكن التحرز عنها بجنس الشهود فلا تكون شهادتهن على الانفراد حجة تامة لذلك .
ولكنا تركنا القياس فيما لا يطلع عليه الرجال بالأثر وهو حديث مجاهد وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وطاوس رضي الله عنهم قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه ولأن الضرورة تتحقق