القضاة جائزة ) لأن ذلك يثبت مع الشبهات وتقبل فيه شهادة النساء مع الرجال فكذلك الشهادة على الشهادة .
وإن شهد شاهدان على شهادة شاهدين أن قاضي كذا ضرب فلانا حدا في قذف فهو جائز لأن المشهود به فعل القاضي لا نفس الحد وفعل القاضي مما يثبت مع الشبهات وإنما الذي يندرئ بالشبهات الأسباب الموجبة للعقوبة وإقامة القاضي حد القذف ليست بسبب موجب للعقوبة .
فإن قيل أليس أن إقامة الحد مسقطة لشهادته عندكم بطريق العقوبة .
قلنا ولكن رد شهادته من تمام حده فيكون سببه هو السبب الموجب للحد وهو القذف إلا أنه ترتب عليه ليكون متمما له فلا يظهر قبله .
فأما في الحقيقة القذف مع العجز عن أربعة من الشهداء يوجب جلدا مؤلما ويبطل شهادته بناء عليه وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهد وقد خرس المشهود على شهادته أو عمى أو ارتد أو فسق أو ذهب عقله لم تجز الشهادة على شهادته وإن كان الفرعيان عدلين لأن القضاء إنما يكون بشهادة الأصول .
فأما الفرعي ينقل إلى مجلس القاضي بعبارته شهادة الأصول فكأن الأصلي حضر بنفسه وشهد ثم ابتلى بشيء من ذلك قبل قضاء القاضي فكما لا يجوز للقاضي أن يقضي بشهادته هناك لأنه لو قضى بها كان قضاء بغير حجة فكذلك هنا .
( وشهادة أهل الذمة على المستأمنين جائزة بخلاف شهادة المستأمنين على أهل الذمة ) لأن الذمي من أهل دارنا حتى لا يتمكن من الرجوع إلى دار الحرب بخلاف المستأمن فشهادة الذمي على المستأمن كشهادة المسلم على الذمي وشهادة المستأمن على الذمي كشهادة الذمي على المسلم .
( وشهادة المستأمنين بعضهم على بعض تقبل إذا كانوا من أهل دار واحدة وإن كانوا من أهل دارين كالرومي والتركي لا تقبل ) لأن الولاية فيما بينهم تنقطع بخلاف المنعتين ولهذا لا يجري التوارث بينهم بخلاف دار الإسلام فإنها دار حكم فيه اختلاف المنعة لا يختلف بالدار فأما دار الحرب ليس بدار أحكام فيه اختلاف المنعت تختلف بالدار وهذا بخلاف أهل الذمة فإنهم صاروا من أهل دارنا فتقبل شهادة بعضهم على بعض وإن كانوا من منعاة مختلفة فأما المستأمنون ما صاروا من أهل دارنا ولهذا يمكنون من الرجوع إلى دار الحرب ولا يمكنون من إطالة المقام في دار الإسلام .
( قال ) ( ومن ترك من المسلمين الصلوات في الجماعة والجمع مجانة لم تقبل شهادته ) لأنه مرتكب لما يفسق به ولأن الجماعة من أعلام الدين فتركها ضلالة .
ألا ترى أن عمر رضي الله عنه قال يوما لأصحابه قد خرج من بيننا من كان ينزل عليه الوحي وخلف فيما بيننا علامة يميز بها المخلص من المنافق وهي الجماعة فكل من لقيناه في