.
وللشافعي رحمه الله قول أن ذلك مقبول إلا في الحدود التي هي لله تعالى خالصا وأصل ذلك في الشهادة على الشهادة وسيأتيك بيانه في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى ولا يقبل كتاب قاضي رستاق ولا قرية ولا كتاب عاملها لأن المعمول به كتاب القاضي والقاضي الرستاق متوسط وليس بقاض فالمصر من شرائط القضاء في ظاهر الرواية لأن القضاء من إعلام الدين كالجمع والأعياد فيكون مختصا بالمصر وذلك في بعض النوادر أن قاضي القرية إذا قضي بشيء بعد تقليد مطلق فقضاؤه نافذ فعلى هذا إذا كان قاضي الرستاق بهذه الصفة يقبل كتابه .
وعلى هذا قالوا إذا خرج قاضي المصر إلى قرية وهي خارجة من فناء المصر فقضي هناك بالحجة لا ينفذ قضاؤه في ظاهر الرواية لانعدام شرط القضاء وهو المصر وعلى رواية النوادر ينفذ قضاؤه .
وكثير من المتأخرين رحمهم الله أخذوا بذلك قالوا أرأيت لو كانت الخصومة في ضيعة في بعض القرى فرأى القاضي الأحوط أن يحضر ذلك الموضع ليسمع الدعوى والشاهدة ويحكم عند الضيعة أما كان ينفذ حكمه بذلك ومن قال بهذا قال تأويل ما قال في الكتاب أنه لا حاجة إلى قبول كتاب القاضي الرستاق فإنه يتيسر إحضار الخصم مع الشهود في مجلس القضاء في المصر .
ولكن هذا بعيد فقد ذكر بعده أنه لا يقبل إلا كتاب قاضي مدينة فيها منبر وجماعة أو كتاب الأمير الذي استعمل القاضي لا له بما كفل كتاب من تلك تنفيذ القضاء والأمير الذي استعمل القاضي لو نفذ القضاء بنفسه جاز ذلك منه وكيف لا يجوز وإنما ينفذ قضاء القاضي بأمره فكذلك قاضي المدينة ينفذ قضاؤه لو قضى بنفسه فيقبل كتابه بخلاف قاضي الرستاق .
ولا تجوز شهادة أهل الذمة على كتاب قاضي المسلمين لذمي على ذمي ولا على قضائه لأنهم يشهدون على فعل المسلم وشهادة أهل الذمة لا تكون حجة في إثبات فعل المسلم وهذا لأن قبول شهادة بعضهم على بعض كان للحاجة والضرورة فقل ما يحضر المسلمون معاملاتهم خصوصا الأنكحة والوصايا وهذا لا يتحقق في قضاء قاضي المسلمين وكتابه وخاتمه لأن الإشهاد على ذلك منه في مجلسه ومجلس قاضي المسلمين يحضره المسلمون دون أهل الذمة .
وإذا جاء بكتاب القاضي إن لفلان علي كذا وكذا من الدين لم يجز حتى ينسبه إلى أبيه وإلى فخذه التي هو بها أو بنسبه إلى تجارة يعرف بها مشهورة .
وقد بينا قول أبي حنيفة رحمه الله في النسبة إلى التجارة لأنها لا تقوم مقام النسبة إلى الفخذ إلا أن يكون شيئا مشهورا لا يخفى على أحد وإن كان في تلك الفخذ أو إلى التجارة اثنان