أو في دار غيره ) لأنه ما لم يصر معلوما عند من يسأل عن حاله لا يمكنه أن يسأل وإنما يصير معلوما بما ذكرنا وإنما يكتب منزله لأن أعرف الناس بحال المرء جيرانه .
( ألا ترى ) أن ذلك الرجل لما قال يا رسول الله عليك السلام كيف أنا قال سل جيرانك وإنما يتمكن من أن يسأل جيرانه عن حاله إلا عرف منزله ولأنه قد يتسمى رجل باسم غيره للتلبيس على القاضي فيتحرز عن ذلك بأن يكتب منزله ويسأل عن التزكية في العلانية بعد التزكية في السر لأنه ربما يشتبه على المزكي أو يلتبس عليه فيزكي غير من شهد وينعدم هذا الوهم عند تزكية العلانية إلا أنه استحسن ترك ذلك في زماننا للتحرز عن الفتنة .
وإذا وجد القاضي في ديوانه صحيفة فيها شهادة شهود لا يحفظ أنهم شهدوا عنده بذلك فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله إن يتفكر في ذلك حتى يتذكر وليس له أن يقضي بذلك إن لم يتذكر .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إذا وجد ذلك في قمطرة تحت خاتمه فعليه أن يقضي به وإن لم يتذكر وهذا منهما نوع رخصة فالقاضي لكثرة أشتغاله يعجز أن يحفظ كل حادثة ولهذا يكتب وإنما يحصل المقصود بالكتاب إذا جاز له أن يعتمد على الكتاب عند النسيان فإن الآدمي ليس في وسعه التحرز عند النسيان .
( ألا ترى ) إلى ما ذكر الله تعالى في حق من هو معصوم فقال الله تعالى ! < سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله > ! وفي تخصيصه بذلك بيان أن غيره ينسى وسمى الإنسان إنسانا لأنه ينسى قال الله تعالى ! < ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما > ! 115 فلو لم يجز له الاعتماد على كتابه عند نسيانه أدى إلى الحرج والحرج مدفوع ثم ما كان في قمطرة تحت خاتمه فالظاهر أنه حق وإن لم يصل إليه يد معتبرة ولا زائدة فيه والقاضي مأمور باتباع الظاهر ومذهب أبي حنيفة رحمه الله هو العزيمة فالمقصود من الكتاب أن يتذكر إذا نظر فيه لأن الكتاب للقلب كالمرآة للعين وإنما تعتبر المرآة ليحصل الإدراك بالعين فإذا لم يحصل كان وجوده كعدمه فكذلك الكتاب للتذكر بالقلب عند النظر فيه فإذ لم يتذكر كان وجوده كعدمه وهذا لأن الكتاب قد يزور ويفتعل به والخط يشبه الخط والخاتم يشبه الخاتم وليس للقاضي إن يقضي إلا بعلم وبوجود الكتاب لا يستفيد العلم مع احتمال التزوير والافتعال فيه .
وهذه ثلاثة فصول أحدهما مابينا .
والثاني في الشاهد إذا وجد شهادته في صك وعلم أنه خطه وهو معروف ولكن لم يتذكر الحادثة .
والثالث إذا سمع الحديث فوجده مكتوبا بخطه ووجد سماعه مكتوبا غيره وهو خط معروف .
ولكنه لم يذكر في الفصول الثلاثة عند أبي حنيفة رحمه الله ليس له أن يعتمد الكتاب ولهذا قلت له