الشبهات وإذا وقع الغلط فيه أمكنه التدارك فيكتفي بظاهر العدالة في ذلك ما لم يطعن الخصم .
وإذا سأل عن الشهود لم يقض بشهادتهم حتى تأتى مسألته مزكاة يعنى أن المزكي إن كتب في جوابه أنهم عدول لا يكتفي بذلك فالعدل قد لا يكون من أهل الشهادة كالعبد عدل في روايته وكذلك إن كتب عدول أحرار فالمحدود في القذف بعد التوبة حر عدل .
وكذلك إن كتب أنه نفذ فقد بطل هذا اللفظ على المستور الذي لا يعرف حاله فإن كتب أنه مزكي فهو تنصيص على وجوب العمل بشهادته ولأن القاضي إنما طلب من المزكي التزكية فينبغي أن يجيبه إلى ما طلب بلفظه كما أنه لما طلب من الشاهد أن يشهد فما لم يأت بلفظة الشهادة لا تقبل شهادته وإذا اختصم إلى القاضي قوم يتكلمون بغير العربية وهو لا يفقه لسانهم فإنه ينبغي له أن يترجم عنهم له رجل مسلم ثقة .
واتخاذ الترجمان للحاجة قد كان عليه الناس في الجاهلية وبعد الإسلام ولما جاء سلمان رضي الله عنه إلى النبي ليسلم ترجم يهودي كلامه لرسول الله فخان في ذلك حتى نزل الوحي حديث فيه طول .
وأمر رسول الله زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم العبرانية وكان يترجم لرسول الله عمن كان يتكلم بين يديه بتلك اللغة .
ثم لا خلاف أنه يشترط في المترجم أن يكون عدلا مسلما لأن نفس الخبر محتمل للصدق والكذب فإنما يترجح جانب الصدق بالعدالة ويشترط الإسلام أيضا لأن الكفار معادون للمسلمين فالظاهر أنهم يقصدون الجناية في مثل هذا قال الله تعالى ! < لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا > ! 118 أي لا يقصرون في إفساد أموركم فلهذا لا يقبل القاضي الترجمة إلا من مسلم عدل .
والواحد لذلك يكفي والمثنى أحوط في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله وقال محمد رحمه الله يشترط في المترجم لكلام الخصم أو لشهود الشاهدين ما يشترط في الشهادة من العدد وذلك رجلان أو رجل وامرأتان وكذلك الخلاف في التزكية عندهما تزكية الواحد يكفي والمثنى أحوط .
وعند محمد رحمه الله لا بد من عدد الشهادة في ذلك وكذلك الخلاف في رسول القاضي إلى المزكي .
فمحمد رحمه الله يقول ما لم يفهم القاضي فكأنه لم يسمعه ومعنى هذا وهو إنه إنما يسمع من المترجم لأنه يفهم قول المترجم وعليه ينبني الحكم فكانت الترجمة في حقه بمنزلة الشهادة .
( ألا ترى ) أنه يعتبر فيها ما يعتبر في الشهادة من الحرية والإسلام والعدالة فكذلك العدد وهذا لأنه يلزم على القاضي القضاء وهذا آكد ما يكون من الإلزام فيشترط العدد فيه لطمأنينة القلب كالشهادة إلا أنه لا يشترط