بنفسه عادة ولا يستأجر لأجله غيره بخلاف التشريح بعد إقامة العمل فليس ذلك بمطلوب لا محالة لجواز أن ينقله إلى موضع العمل قبل التشريح .
توضيحه أن الخبز لو ترك في التنور يفسد وما يرجع إلى الإصلاح صار مستحقا على الخباز وذلك في الإخراج من التنور ووزانة الإقامة في اللبن فأما اللبن بعد الإقامة لو ترك ولم يفسد فلا يستحق التشريح على اللبان إلا بالشرط .
وإن استأجره يضرب له لبنا بملبن معلوم ويطبخ له أجرا على أن الحطب من عند رب اللبن فهو جائز لأنه استأجره لعمل معلوم من عند العامل بآلات المستأجر .
وإن أفسد اللبن بعد ما أدخله الأتون وتكسر لم يكن له الأجر لأنه لم يفرغ منه بعد فإنه ما لم يخرجه من الأتون لم يتم عمله في طبخ الآجر فما لم يفرغ من العمل لا يصير مسلما إلى صاحبه .
ولو طبخه حتى يصح ثم كف النار عنه فاختلف هو وصاحبه في الإخراج فإخراجه على الأجير بمنزلة إخراج الخبز من التنور لأنه لو تركه كذلك فسد .
وإن انكسر قبل أن يخرجه فلا أجر له لأن العمل لا يخرجه من ضمانه ما لم يفرغ منه .
وإن أخرجه من الأتون والأرض في ملك رب اللبن وجب له الأجر ويبرأ من ضمانه لوقوع الفراغ من العمل وتحصيل مقصود المستأجر بكماله .
وإن كان الأتون في ملك اللبان فلا أجر له حتى يدفعه إلى صاحبه لأنه ما اتصل عمله بملك المستأجر فلا بد من التسليم إليه حقيقة ليخرج من ضمانه وإذا شق رجل راوية رجل فهو ضامن لما شق منها ولما عطب بما سال منها لم يستوعبها صاحبها لأن المائع لا يستمسك إلا بوعاء فشق الرواية بمنزلة صب ما فيها .
( ألا ترى ) أن قطع حبل القنديل بمنزلة مباشرة الإلقاء والكسر في إيجاب الضمان ولو صب ما فيها كان متلفا ضامنا لها ولما عطب بما سال منها لأنه تسبب هو فيه متعديا بمنزلة حفر البئر وإلقاء الحجر في الطريق .
وكذلك إن كان شيئا يحمله رجل فشقه آخر فإن حمله صاحبه وهو ينظر إليه فهذا رضاء بما صنع استحسانا لأنه بعد العلم به لا يترك استئنافه إلا راضيا بصنعه والرضاء بدلالة العرف يثبت كسكوت البكر عند العلم بالعقد .
ومن باع مجهول الحال ثم قال له أذهب مع مولاك وهو ساكت والصغير والكبير في هذا سواء لأن وجوب هذا الضمان بمباشرة الإتلاف والصبي فيما يؤاخذ به من الأفعال كالبالغ .
وإذا شق رواية رجل فلم يسل ما فيها ثم مال الجانب الآخر فوقع وانخرق أيضا فهو ضامن لهما جميعا لأنه بمنزلة المباشر يصب ما في الرواية حين شقها وصب ما في إحدى الراويتين يكون إيقاعا للأخرى بطريق إزالة ما به كان الاستمساك وهو تسبب منه لإلقاء الأخرى وهو متعدي