استحقاق الأجر يقبل العمل وقد استووا في ذلك ولأنه اشتركوا مع عملهم أنه لا بد من تفاوت في عملهم فكان ذلك رضاء منهم بترك اعتبار ذلك التفاوت وإن لم يعمل واحد منهم لمرض أو عذر .
فإن كان بينهم شركة في الأصل فله الأجر معهم بعقد الشركة بينهم .
وإن لم يكن بينهم شركة فلا أجر له لأن استحقاق الأجر بالعمل لا يستحقه من لم يعمل سواء ترك العمل بعذر أو بغير عذر ويرفع عنهم من الأجر بحساب حصته ويكون عملهم في حصته تطوعا لأن كل واحد منهم يستحق الأجر عند العمل بالتسمية فإنما يستحق بقدر ما سمى له وإن زاد عمله على ما التزم بالعقد فهو متطوع في تلك الزيادة .
( رجل تكارى رجلا يحفر له بئرا عشرة أذرع طولا في عرض معلوم بعشرة دراهم وزعم الحفار أنه شرط أن يحفرها خمسة أذرع طولا ولم يعمل شيئا بعد فإنهما يتحالفان ) لاختلافهما في مقدار المعقود عليه في حال قيام العقد واحتماله للفسخ وإن كان قد حفر خمسة أذرع فالقول قول المستأجر مع يمينه ويعطيه من الأجر بحساب ما قال لأن الأجير يدعي عليه الزيادة وهو منكر ويحلف الأجير على دعوى المستأجر لأنه يدعي عليه حفر خمسة أذرع أخرى مما التزمه بالعقد وهو منكر فيحلف على ذلك ويتشاركان فيما بقى ولو قال احفر لي في هذا المكان فحفر فانتهى إلى جبل لا يطاق أي لا يطاق بآلة الحفارين فالأجير بالخيار لما يلحقه من الضرر فوق ما التزمه بالعقد والله أعلم بالصواب .
$ باب إجارة البناء $ ( قال رحمه الله وإذا استأجر الرجل رجلا يبني له حائطا بالجص والآجر وأعلمه طوله وعرضه وعمقه وارتفاعه في السماء فهو جائز ) لأنه عمل معلوم يستأجر عليه عرفا ويقدر الأجير على ايفائه وإن سمى كذا كذا ألف آجرة من هذا الآجر وكذا كذا من الجص ولم يسم الطول والعرض فهو في القياس فاسد لجهالة المعقود عليه لأن المعقود عليه العمل دون الآجر والجص والعمل يختلف باختلاف صفة الحائط في الطول والعرض وفي أسفل الحائط يكون العمل أسهل وكل ما يرتفع من وجه الأرض كان العمل أشق .
ولكنه استحسن ( فقال ) هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة وبنيان مقدار الآجر والجص يصير الطول والعرض في الحائط الذي يبنى عليه معلوم عند أهل الصنعة فلو سمى مع ذلك الطول والعرض كان أجود لأنه عن الجهالة أبعد وإن سمى كذا كذا آجرا ولبنا ولم يسم الملبن ولم يره إياه فهو فاسد في القياس للجهالة ولكنه