الأجر بحساب ما حفر لأنه يقيم العمل في ملك المستأجر فيصير عمله مسلما إليه بقدر ما يفرغ منه ويتقرر حقه في الأجر فلا يسقط حقه بالتلف بعد ما يخرج من ضمانه .
ولو كانت بئر ماء فشرط عليه مع حفرها طيها بالآجر والجص ففعل وفرغ منها ثم انهارت فله الأجر كاملا وإن انهارت قبل أن يطويها بالآجر فله الأجر بحساب ذلك لأن بنفس العمل يجب له الأجر ويصير العمل مسلما إلى صاحبه فيطالبه بالأجر بحساب ما أقام من العمل ولو استأجره ليحفرها في الجبانة في غير ملكه ولا في فنائه فحفرها فانهارت فلا أجر له حتى يسلمها إلى صاحبها بمنزلة العامل من الخياط والقصار في بيت نفسه وهذا لأن عمله ما اتصل بملك المستأجر ليصير المستأجر بذلك قابضا ولا بد لدخول العمل في ضمانه من أن يثبت يده عليه وذلك لا يكون إلا بالتسليم إليه وفي هذا اللفظ دليل على أن الفناء حق المرء ولكنه غير مملوك له .
( ألا ترى ) أنه قال في غير ملكه ولا في فنائه والفناء في يده لكونه أحق بالانتفاع به فإذا كان الحفر فيه يصير العمل مسلما إليه بمنزلة الحفر في ملكه .
وكذلك لو استأجره ليحفر له قبرا ثم دفن فيه إنسان قبل أن يأتى المستأجر بجنازته لم يكن على المستأجر أجر لأنه حفر القبر في غير ملك المستأجر فما لم يسلم إليه لا يتقرر حقه في الأجر .
وإن جاء المستأجر فحال الأجير بينه وبين القبر فانهار بعد ذلك أو دفنوا فيه إنسانا آخر فله الأجر كاملا لأنه قد سلم المعقود عليه إلى صاحبه وإن دفن فيه المستأجر ميتة ثم قال للأجير أحث التراب عليه فأبى الأجير في القياس لا يلزمه ذلك لأنه التزم عمل الحفر وحثى التراب كنس وليس بحفر وهو ضد ما التزمه بعقد الإجارة ولكنى انظر إلى ما يضع أهل ملك البلاد .
فإن كان الأجير هو الذي يحثي التراب خيرته في ذلك وذلك يعمل بالكوفة وإن كان الأجير لم يفعل ذلك في تلك البلدة لم أجبره عليه وهذا لأن بمطلق العقد يستحق ما هو المتعارف والمعروف في كل موضع يجعل كالمشروط .
وإن أراد أهل الميت أن يكون الأجير هو الذي يضع الميت في لحده وهو ينصب اللبن عليه لم يجبر الأجير على ذلك لأن هذا غير متعارف بل العرف ان أقرباء الميت وأصدقاءهم الذين يضعونه في لحده وترك ذلك إلى الأجير يعد من الاستخفاف به .
فإن وصف له موضع يحفر فيه فوافق فيه جبلا هو أشد من وجه الأرض فحفره لم يزد على أجره لأنه قد التزم عمل الحفر مع عمله باختلاف أطباق الأرض في الصلابة والرخاوة .
وإن استأجره بالكوفة يحفر قبرا ولم يسم له في أي المقابر يحفر فالعقد فاسد في القياس للجهالة التي تفضي إلى المنازعة .
ولكن أستحسن إذا حفر في الناحية