يظهر أن مراده من ذكر المدة الاستعجال لا تسمية المقدار المعقود عليه من المنفعة وحرف في للظرف والمظروف وقد يشغل جزءا من الظرف لا جميعه .
وعلى هذا الخلاف لو استأجر دابة من الكوفة إلى بغداد ثلاثة أيام بأجر مسمى فذكر المدة والمسافة والعمل .
وكذلك لو استأجره ينقل له طعاما معلوما من موضع إلى موضع من اليوم إلى الليل فهو على الخلاف الذي بينا .
وإن استأجر عبدا شهرا بأجر مسمى على أنه إن مرض فعليه أن يعمل بقدر الأيام التي مرض فيها من الشهر الداخل فهذا فاسد لجهالة مدة الإجارة فلا يدري في أي مقدار من الشهر يمرض ليدخل في العقد بقدر ذلك من الشهر الداخل ثم هذا الشهر يخالف مقتضى العقد لأن مقتضى العقد انتهاؤه بمضي المدة تمكن من استيفاء المعقود عليه أو لم يتمكن وهذا الشرط يخالف ذلك .
وإن استأجر بيتا شهرا بعشرة دراهم على أنه إن سكنه يوما ثم خرج عليه عشرة دراهم فهذا فاسد لأن هذا الشرط مخالف لمقتضي العقد لأن مقتضى العقد أنه متى خرج بعذر لا يلزمه الأجر ثم مقدار أجر منفعة البيت في اليوم الأول مجهول أنه ثلاثة دراهم أو عشرة دراهم .
وكذلك إن استأجر دابة بعشرة دراهم إلى بغداد على أنه إن بلغ قرية كذا ثم بدا له أن يرجع فله الأجر كاملا فهذا فاسد لجهالة مقدار الأجر إلى الموضع الذي سمي ولأن الشرط يخالف مقتضى العقد .
وإن استأجر دابة ليحمل عليها حمل كذا بأجر معلوم إلى موضع كذا على أنه إن حمل عليها كذا من الحمل فحمل غير ذلك إلى ذلك المكان ولم يحمل الأول فأجرها كذا فهو فاسد في قول أبي حنيفة رحمه الله الأول وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .
وهو جائز في قوله الآخر على ما شرطا .
وكذلك لو استأجر أرضا ليزرعها حنطة بخمسين درهما وإن زرعها سمسما فأجرها مائة درهم فهو على هذا الخلاف .
وكذلك إن استأجر بيتا على أنه إن أسكنه بزازا فأجره خمسة وإن أسكنه قصارا فأجره عشرة .
وجه قوله الأول أن المعقود عليه مجهول والبدل بمقابلته مجهول فالضرر يختلف بسكن القصار والبزاز وهما عقدان في عقد ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعين في بيع أرأيت لو سلم إليه البيت فلم يسكنه أصلا حتى مضت المدة فماذا يوجب عليه خمسة أو عشرة .
ووجه قوله الآخر أن كل نوع من المنفعة معلوم بالتسمية والبدل بمقابلته معلوم فيصح العقد وهذا لأن الأجر لا يجب بنفس العقد وإنما يجب باستيفاء المنفعة وعند ذلك لا جهالة في المعقود عليه ولا في البدل .
فأما إذا لم يسكنها فقال بعض مشايخنا رحمهم الله ينبغي على قياس قوله الآخر أن يلزمه نصف