على شيء من الغنا والنوح والمزامير والطبل وشيء من اللهو لأنه معصية والاستئجار على المعاصي باطل فإن بعقد الإجارة يستحق تسليم المعقود عليه شرعا ولا يجوز أن يستحق على المرء فعل به يكون عاصيا شرعا وكذلك الاستئجار على الحداء وكذلك الاستئجار لقراءة الشعر لأن هذا ليس من إجارة الناس والمعتبر في الإجارة عرف الناس ولأن ما هو المقصود إنما يحصل بمضى في المستأجر وهو السماع والتأمل والتفهم فلا يكون ذلك موجبا للأجر عليه .
وإن أعطى المستأجر شيئا من اللهو يلهو به فضاع أو انكسر فلا ضمان عليه لأنه قبضه واستعمله بإذن صاحبه فإن العقد وإن بطل فالإذن في الاستعمال باق .
وإذا استأجر الذمي من المسلم بيعة يصلى فيها لم يجز لأنه معصية وكذلك إذا استأجرها ذمي من ذمي وكذلك الكنيسة وبيت النار فإنهم يعتقدون في هذه البقاع ما يعتقده في المساجد .
واستئجار المسلم من المسلم مسجدا يصلى فيه مكتوبة أو نافلة لا يجوز فكذلك لا يمكن تصحيح هذا العقد فيما بينهم بناء على اعتقادهم وفي اعتقادنا هذا منهم معصية وشرك فالاستئجار عليه باطل ثم استئجار المسجد من المسلم للصلاة فيه كاستئجار مسلم يصلي له وقد بينا أن ذلك باطل لأنه استئجار على الطاعة فهذا مثله .
وعلى هذا لو استأجر أهل الذمة ذميا ليصلي بهم أو ليضرب لهم الناقوس فهو باطل لأنه معصية .
وإذا استأجر الذمي من المسلم بيتا ليبيع فيه الخمر لم يجز لأنه معصية فلا ينعقد العقد عليه ولا أجر له عندهما .
وعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز والشافعي رحمه الله يجوز هذا العقد لأن العقد يرد على منفعة البيت ولا يتعين عليه بيع الخمر فيه فله أن يبيع فيه شيئا آخر يجوز العقد لهذا .
ولكنا نقول تصريحهما بالمقصود لا يجوز اعتبار معنى آخر فيه وما صرحا به معصية وكذلك لو أن ذميا استأجر مسلما يحمل له خمرا فهو على هذا عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لا يجوزان العقد لأن الخمر يحمل للشرب وهو معصية والاستئجار على المعصية لا تجوز والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله في الخمر عشرا وذكر في الجملة حاملها والمحمولة إليه .
وأبو حنيفة رحمه الله يقول يجوز الاستئجار وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه لا يتعين عليه حمل الخمر فلو كلفه بأن يحمل عليه مثل ذلك فلا يستوجب الأجر ولأن حمل الخمر قد يكون للإراقة وللصب في الخل ليتخلل فهو نظير ما لو استأجره ليحمل ميتة وذلك صحيح فهذا مثله إلا أنهما يفرقان فيقولان الميتة تحمل عادة للطرح وإماطة الأذى فأما الخمر يحمل عادة للشرب والمعصية .
وذكر هشام عن محمد رحمهما الله قال ابتلينا بمسئلة وهو أن مسلما استؤجر على أن ينقل جيفة ميتة