فيها رزق أو علف فهي فاسدة إلا في استئجار الظئر بطعامها وكسوتها .
وإن أبا حنيفة رحمه الله قال أستحسن جواز ذلك وقد بيناه واشتراط تطيين الدار ومرمتها أو غلق باب عليها أو إدخال جذع في سقفها على المستأجر مفسد للإجارة لأنه مجهول فقد شرط الأجر لنفسه على المستأجر وكذلك استئجار الأرض بأجر مسمى واشتراط كرى نهرها أو ضرب مسناة عليها أو حفر بئر فيها أو أن يسرقها المستأجر فهذا كله مفسد للإجارة لأن أثر هذه الأعمال تبقى بعد انتهاء مدة الإجارة ويسلم ذلك للآجر فيكون في معنى شرط أجرة مجهولة على المستأجر لنفسه وكذلك لو اشترط عليه رب الأرض أنه يكون له ما فيها من ذرع إذا انقضت الإجارة وأن يردها عليه مكروبة فهذا كله مجهول ضمه إلى المعلوم وشرطه لنفسه يفسد العقد به .
( رجل دفع أرضه إلى رجل يغرس فيها شجرا على أن تكون الأرض والشجر بين رب الأرض والغارس نصفين لم يجز ذلك ) لأنه يكون مشتريا نصف الغراس منه بنصف الأرض والغراس مجهول فلا يصح ذلك هكذا ذكره بعض مشايخنا رحمهم الله .
فأما الحاكم رحمه الله في المختصر يقول تأويل المسألة عندي أنه جعل نصف الأرض عوضا عن جميع الغراس ونصف الخارج عوضا لعمله فعلى هذا الطريق يقول اشترى العامل نصف الأرض بجميع الغراس وهي مجهولة فكان العقد فاسدا فإن فعل فالشجر لرب الأرض لأن العقد في الشجر كان فاسدا ومذرعته في أرضه بأمره فكأن صاحب الأرض فعل ذلك بنفسه فيصير قابضا للغراس باتصاله بأرضه مستهلكا بالعلوق فيجب عليه قيمة الشجر وأجر ما عمل لأنه ابتغى من عمله عوضا وهو نصف الخارج ولم ينل ذلك فكان عليه أجر مثله .
( فإن قيل ) كان ينبغي على قول أبي حنيفة رحمه الله أن يكون نصف الأرض للعامل لأنه اشترى نصف الأرض شراء فاسدا ومن اشترى نصف الأرض شراء فاسدا غرس فيها أشجارا فإنه ينقطع فيها حق البائع في الاسترداد عند أبي حنيفة رحمه الله .
( قلنا ) هذا أنه لو غرس الأشجار لنفسه وهنا العامل في الغرس يقوم مقام رب الأرض ويعمل له بالأجر فكأن رب الأرض عمل ذلك بنفسه فلهذا لا يملك العامل شيئا من الأرض وإنما اختار هذا التأويل لإمكان إيجاب أجر العمل فإنه لو جعل مشتريا نصف الغرس كان عاملا فيما هو شريك فيه فلا يستوجب الأجر فلذلك ألزمه قيمة الغرس حين علقت .
ولو كان مشتريا للنصف لكان يلزمه نصف قيمة الغرس حين علقت ونصف قيمة الشجر وقت الخصومة لأنها أشجار مشتركة بينهما في أرض أحدهما فإنما يتملك صاحب الأرض نصيب صاحبه عليه