وقيل بل فيه روايتان .
وجه ما قال الكرخي رحمه الله إن هذا النوع من الانتفاع غير مقصود بهذه الأعيان وإذا كان لا يجوز استئجارها للمنفعة التي هي مقصودة منها فلان لا يجوز استئجارها للمنفعة التي هي غير مقصودة منها أولى .
وجه ظاهر الرواية إن ما سمي عملا يعمل بالمستأجر مع بقاء عينه فإن الوزن بالدراهم عمل مقصود كالوزن بالحجر .
ولو استأجر حجرا ليزن به يوما جاز فكذلك الدراهم وهذا لأن المنافع عند إطلاق العقد كونه متضمنا استهلاك العين لو صح وقد انعدم ذلك بتسمية منفعة تستوفى مع بقاء العين وهو مقصود في الناس أو كالإناء يستأجره ليعمل به أو الثوب ليلبسه وإن استأجر نصيبا في أرض غير مسماة لم يجز وكذلك العبد والدابة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله ثم رجع أبو يوسف رحمه الله وقال هو جائز وهو بالخيار إذا علم النصيب وهو قول محمد رحمه الله .
وقد ذكر في آخر الشفعة أنه لو باع نصيبه من الدار والمشتري لا يعلم كم نصيبه لم يجز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وهو قول أبي يوسف الأول رحمه الله ثم رجع أبو يوسف وقال يجوز .
فأبو حنيفة استمر على مذهبه في الفصلين حيث لم يجوز البيع والإجارة في النصيب المجهول ومسئلة الإجارة له أيضا بناء على إجارة المشاع فإنه لا يجوز الإجارة في النصيب الشائع وإن كان معلوما فإذا كان مجهولا أولى وأبو يوسف رحمه الله استمر على مذهبه أيضا فإنه جوز البيع والإجارة في نصيب العاقد .
وإن لم يكن ذلك معلوما للأجير عند العقد لأن إعلامه ممكن بالرجوع إلى قول الموجب ومن أصله أيضا جواز الإجارة في الجزء الشائع ومحمد رحمه الله فرق بين البيع والإجارة وقال في البيع الثمن يجب بنفس العقد فلو صح العقد وجب الثمن بمقابلة مجهول وفي الإجارة لا يجب إلا عند استيفاء المنفعة وعند ذلك نصيب المؤاجر معلوم فإنما يجب البدل بمقابلة المعلوم ومن أصله جواز الإجارة في المشاع وإن استأجر مائة ذراع مكسرة من هذه الدار أو أجر مائتين من هذه الأرض فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة رحمه الله .
وهو جائز في قولهما وهو بناء على ما ذكرنا في البيوع إذا باع مائة ذراع من هذه الدار عند أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز لأن الذراع اسم لبقعة معلومة يقع عليها الذرع وذلك يتفاوت في الدار فكما لا ينعقد البيع صحيحا بهذا اللفظ فكذلك الإجارة .
وعندهما ذكر الذراع كذكر السهم حتى ينعقد به البيع صحيحا فكذلك الإجارة وهو بناء على اختلافهم أيضا في إجارة المشاع ولا يجوز إجارة الشجر والكرم بأجرة معلومة على أن تكون الثمرة للمستأجر لأن الثمرة عين لا يجوز استحقاقها