حين ذهب من طريق البصرة ويكون الكوفي ضامنا لنصف قيمته إن هلك لأنه غاصب للنصف من البصري فيكون ضامنا .
وإن ارتفعا إلى القاضي بمكة فللقاضي في ذلك رأي فإن شاء لم ينظر فيما يقولان حتى يقيما عنده البينة لأن صاحب الفسطاط غائب وهما يدعيان على القاضي وجوب النظر عليه في حق الغائب في ماله فلا يلتفت إلى ذلك إذا لم يعرف سببه فإن فعل القاضي بذلك ولم يجدا بينة فدفعه البصري إلى الكوفي فهو على الجواب الأول الذي قلنا إذا لم يرتفعا إلى القاضي وإذا أقام البينة عنده على ما ادعيا قبلت البينة لأنهما أثبتا سبب وجوب ولايته في هذا المال ووجوب النظر للغائب وهذه بينة تكشف الحال فتقبل من غير الخصم أو القاضي كأنه الخصم في موجب هذه البينة ثم يحلف البصري على ما يريد من الرجعة إلى البصرة لأنه يدعي العذر الذي به يفسخ الإجارة في نصيبه وذلك شيء في ضميره لا يقف عليه غيره فيقبل قوله فيه مع يمينه وإن شاء نظر في حالهما من غير إقامة البينة احتياطا في حق الغائب .
وإذا حلف البصري فالقاضي يخرج الفسطاط من يده لأنها ليس من النظر للغائب ترك الفسطاط في يده ليذهب به إلى البصرة ولكنه يؤاجر نصيبه من كوفي مع الكوفي الأول ليتوصل صاحب الفسطاط إلى غير ملكه ويتوفر عليه الكراء بجميع الفسطاط في الرجوع .
وإن أراد الكوفي أن يستأجر نصيب البصري فهو أولى الوجوه لأن صاحب الفسطاط كان راضيا بكون الفسطاط في يده ولأن إجارته منه تجوز بالاتفاق لأنه إجارة المشاع من الشريك وذلك جائز وفعل القاضي فيما يرجع إلى النظر للغائب كفعل الغائب بنفسه .
وإن لم يرغب فيه حينئذ يؤاجره من كوفي آخر فيجوز ذلك على قول من يجوز إجارة المشاع وعلى قول من لا يجوز ذلك فهذا فصل مجتهد فيه فإذا أمضاه القاضي باجتهاده نفذ ذلك منه .
وإن لم يجد من يستأجره من أهل الكوفة يدفع الفسطاط إلى الكوفي وقال نصفه معك بالإجارة الأولى ونصفه معك وديعة حتى يبلغ صاحبه فهو جائز لما فيه من معنى النظر للغائب باتصال عين ملكه إليه وعلى الكوفي نصف الأجر في الرجوع لأنه استوفي المعقود عليه والشيوع طارئ فلا يمنع بقاء الإجارة ولا أجر على البصري في الرجعة لأنه استوفى المعقود عليه فسخ العقد بعذر عند القاضي ولا ضمان عليه أيضا لأن تسليمه إلى القاضي كتسليمه إلى صاحبه فالقاضي نائب عنه فيما يرجع عليه لذلك وإن تكار فسطاطا من الكوفة إلى مكة ذاهبا وجائيا وخرج إلى مكة فخلفه بمكة ورجع إلى الكوفة فعليه الكراء ذاهبا وهو ضامن لقيمة الفسطاط يوم خلفه لأنه تركه في غير