يسلم لهما ذلك الأجر .
فإن قبلوا الطعام على أن يطحنوه بأجر معلوم ولم يؤجر وإلا الجمل بعينه فما اكتسبوه صار أثلاثا بينهم لأنهم اشتركوا في تقبل العمل وبذلك استوجبوا الأجر .
وإن كان لرجل بيت على نهر قد كان فيه رحا ماء فذهب وجاء آخر برحا آخر ومتاعها فنصبها في البيت واشتركا على أن يتقبلا من الناس الحنطة والشعير فطحناه فما كسبا فهو بينهما نصفان فهو جائز وما طحناه وما تقبلاه فأجره بينهما نصفان لاستوائهما في تقبل العمل في ذمتها وليس للرحا ولا للبيت أجرة لأن كل واحد منهما ما ابتغى عن متاعه أجرا سوى ما قال .
( ألا ترى ) أن قصارين لو اشتركا على أن يعملا في بيت أحدهما بأداة الآخر فما كسبا فهو بينهما نصفان كان جائزا ولم يكن لواحد منهما أن يطالب صاحبه بأجر بأداته .
ولو أجر الرحا بأجر معلوم على طعام معلوم كان الأجر كله لصاحب الرحا لأنه مسمى بمقابلة منفعة ملكه ولصاحب البيت أجر مثل بيته ونفسه على صاحب الرحا إذا كان قد عمل في ذلك لأن منفعة بيته ونفسه سلمت لصاحب الرحا ولم يسلم له بمقابلته ما شرط له من الأجر .
.
( قال ) ( ولا أجاوز به نصف أجر مثل الرحا في قول أبي يوسف رحمه الله ) وقد بينا نظيره في كتاب الشركة ولو انكسر الحجر الأعلى من الرحا فنصب رجل مكانه حجرا بغير أمر صاحبه وجعل يتقبل الطعام ويطحن فهو مسىء في ذلك ضامن لما أفسد من الحجر الأسفل ومتاعه لأنه غاصب والأجر له لأنه وجب بعقده .
وإن كان وضع الحجر الأعلى برضاء صاحبه على أن الكسب بينهما نصفان فهو كما شرط وهو نظير ما سبق إذا كان يتقبلان الطعام فالأجر بينهما كما شرط ولو بنى على نهر بيتا ونصب فيها رحا ماء بغير رضي صاحب النهر ثم يقبل الطعام فكسب في ذلك مالا كان له في الكسب وكان ضامنا لمناقص البيت وساحته وموضعه والنهر لأنه متلف لذلك بفعله ولا يضمن شيئا من الماء لأن الماء غير مملوك ولأنه لم يفسد شيئا من الماء بعمله ولو أن رجلا له نهر اشترك هو ورجلان على أن جاء أحدهما برحا والآخر بمتاعها على أن يبنوا البيت جميعا من أموالهم على أن ما كسبوا من شيء فهو بينهم فهو جائز وهذا مثل المسألة الأولى إذا كانوا يتقبلون الطعام فالأجر بينهم أثلاثا والله أعلم بالصواب .
$ باب الكراء إلى مكة $ قال رحمه الله وإذا استأجر بعيرين من الكوفة إلى مكة فحمل على أحدهما محملا فيه