كان يصليها فانجلت الشمس مع فراغه منها .
وفي الكتاب ذكر حديث إبراهيم رضي الله عنه أن النبي صلى ركعتين في الكسوف ثم كان الدعاء حتى تجلت وهو كان مقدما في باب الإخبار فإنما يعتمد على ما يصح منها فدل أن الصحيح أنها كسائر الصلوات ولو جاز الأخذ بما روت عائشة وبن عباس رضي الله عنهم لجاز الأخذ بما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى في الكسوف ركعتين بست ركوعات وست سجدات .
وقال علي رضي الله عنه صلى رسول الله في الكسوف ركعتين بثمان ركوعات وأربع سجدات وبالإجماع هذا غير مأخوذ به لأنه مخالف للمعهود فكذلك ما روت عائشة وبن عباس رضي الله عنهما .
وتأويل ذلك أن النبي طول الركوع فيها فإنه عرض عليه الجنة والنار في تلك الصلاة فمل بعض القوم فرفعوا رؤوسهم وظن من خلفهم أن النبي رفع رأسه فرفعوا رؤوسهم ثم عاد الصف المتقدم إلى الركوع اتباعا لرسول الله عليه الصلاة والسلام فركع من خلفهم أيضا وظنوا أنه ركع ركوعين في كل ركعة ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف وعائشة رضي الله عنها كانت واقفة في صف النساء وبن عباس في صف الصبيان في ذلك الوقت فلهذا نقلا كما وقع عندهما ولو كان هذا صحيحا لكان أمرا بخلاف المعهود فينقلها الكبار من الصحابة الذين كانوا يلون رسول الله وحيث لم يروها أحد منهم دل أن الأمر كما قلنا .
ثم هذه الصلاة لا يقيمها بالجماعة إلا الإمام الذي يصلي بالناس الجمعة والعيدين فأما أن يصلي كل فريق في مسجدهم فلا لأنه أقامها رسول الله وإنما يقيمها الآن من هو قائم مقامه وإن لم يقمها الإمام صلى الناس فرادى إن شاؤوا ركعتين وإن شاؤوا أربعا لأن هذا تطوع والأصل في التطوع اداؤها فرادى إن شاؤوا ركعتين وإن شاؤوا أربعا وذلك أفضل ثم إن شاؤوا طولوا القراءة وإن شاؤوا قصروا ثم اشتغلوا بالدعاء حتى تنجلي الشمس فإن عليهم الاشتغال بالتضرع إلى أن تنجلي وذلك بالدعاء تارة وبالقراءة أخرى وصح في الحديث أن قيام رسول الله في الركعة الأولى كان بقدر سورة البقرة وفي الركعة الثانية بقدر سورة آل عمران فالأفضل أن يطول القراءة فيها .
فأما كسوف القمر فالصلاة حسنة وكذلك في الظلمة والريح والفزع لقوله عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم شيئا من هذه الأهوال فافزعوا إلى الصلاة وعاب أهل الأدب على محمد رحمه الله تعالى في هذا