نفسه ما يحتاج إليه فهذا مما صار مستحقا بعقد الإجارة فلا يمنعه رب الدار منه ولا يفسخ العقد لأجله .
وإذا أنزل المستأجر زوج ابنته معه في الدار فلما انقضت المدة طالبه بالأجر فليس له ولا لرب الدار أن يأخذ الزوج بشيء من ذلك لأن العقد لم يجر بينه وبين رب الدار والمستأجر أسكنه من غير أن يشرط عليه أجرا .
ولو أسكنه ملكه لم يطالبه بالأجر فكذلك إذا أسكنه دارا يكتريها فإن تكارى منزلا في دار فيها سكان فأمره صاحب المنزل أن يكنس البئر التي في الدار ففعل وطرح ترابها في الدار فعطب بذلك إنسان فلا ضمان عليه لأن فعله بأمر رب الدار كفعل رب الدار بنفسه وكذلك إن فعله بغير أمر رب الدار لأن هذا من توابع السكنى فإن الساكن مرتفق بالبئر ولا يتأتى له ذلك إلا بالكنس فلم يكن متعديا فيما صنع فلهذا لا يضمن إلا أن يخرج التراب إلى الطريق فحينئذ هو متعد في إلقاء التراب في الطريق فكان ضامنا .
رجل تكارى دارا سنة على أنه فيها بالخيار ثلاثة أيام فهو جائز عندنا ) وفي أحد قول الشافعي رحمه الله لا يجوز بناء على الأصل الذي بينا أن جواز الإجارة بطريق أن المنافع جعلت كالأعيان القائمة وإنما يكون ذلك إذا اتصل ابتداء المدة بالعقد وباشتراط الخيار ينعدم ذلك لأن ابتداء المدة من حين سقط الخيار وإن جعل ابتداء المدة من وقت العقد فشرط الخيار فيه غير ممكن أيضا لأن الخيار مشروط للفسخ فلا بد من أن يتلف شيء من المعقود عليه في مدة الخيار وذلك مانع من الفسخ ثم شرط الخيار في البيع ثابت بالنص بخلاف القياس والإجارة ليست في معناه فلا يجوز شرط الخيار فيها ولهذا لم يجز شرط الخيار في النكاح فكذلك في الإجارة والجامع بينهما أنه عقد معاوضة يقصد به استيفاء المنفعة .
وحجتنا في ذلك أن هذا عقد معاوضة مال بمال فيجوز شرط الخيار فيه كالبيع وتأثيره أنه لما كان المقصود المال وقد يقع نفيه قبل أن يروي المرء النظر فيه فهو محتاج إلى شرط الخيار فيه ليدفع الغبن عن نفسه والإجارة في هذا كالبيع .
( ألا ترى ) أنه في الرد بالعيب يجعل كالبيع فكذلك في الرد بخيار الشرط وأنه يحتمل الفسخ بالإقالة كالبيع ويعتمد لزومه تمام الرضا بخلاف النكاح .
ثم إن كان ابتداء المدة من وقت العقد فالمنفعة لا تدخل في ضمان المستأجر إلا بالاستيفاء وما يتلف قبل ذلك يتلف على ضمانه فلا يمنعه من الفسخ وإن اشتغل بالاستيفاء سقط خياره عندنا والحقيقة أن ابتداء المدة من حين يتم رضاه بالعقد وذلك عند اشتغاله باستيفاء المنفعة أو عند مضي مدة الخيار فإن سكنها في المدة فقد تم رضاه باشتغاله بالتصرف فيسقط خياره والله أعلم .
وإن كان شرط لنفسه الخيار