ثم هذا البناء لحاجة المستأجر ليس لحاجة رب الأرض بخلاف سائر الأبنية .
( ألا ترى ) أن كل عامل من هذا الجنس يبني الأتون على الوجه الذي يتخذه أهل صنعته ولو اختلفا في بناء سوى ما ذكرنا أو في باب أو خشبة أدخلت السقف فالقول قول رب الدار أنه أجرها وهي كذلك .
وكذلك الآجر المفروش والغلق والميزاب فالظاهر أن رب الدار هو الذي يتخذ ذلك لأن الساكن به يتمكن من السكنى في الدار وعلى رب الدار تمكين المستأجر من الانتفاع فهو الذي يحدث ما به ليتم تمكنه من الانتفاع به وما كان في الدار من لبن موضوع أو آجر أو جص أو جذع أو باب موضوع فهو للمستأجر لأنه بمنزلة المتاع الموضوع غير مركب في البناء ولا هو تبع للأرض والبناء فإن أقاما البينة ففي كل شيء جعلنا القول فيه قول المستأجر فالبينة بينة رب الدار لأنها مثبتة لحقه .
ولو كان في الدار بئر ماء مطوية أو بالوعة محفورة فقال المستأجر أنا أحدثتها وأنا أقلعها فالقول قول رب الدار لأن هذا من توابع البناء ومما لا يتأتى بدونه السكنى ولأنه يحتاج في قلعها إلى نقض البناء والمستأجر لا يملك ذلك إلا بحجة وهي البينة وكذلك الخص والسترة والخشب المبني في البناء والدرج فالمراد من الدرج ما يكون مبنيا منه فأما ما يكون موضوعا فيه كالسلم فالقول قول المستأجر لأنه لا يحتاج في رفعه إلى قلع البناء وهو موضوع كالأمتعة .
( قال ) ( وكذلك التنور وكذلك الأتون التي يطبخ فيها الأجر أن القول قول المستأجر وفي التنور القول قول رب الدار ) ولا فرق بينهما إلا بالعرف ثم التنور من توابع البناء في الدار فيحتاج إليه كل ساكن فأما الأتون فإنما يحتاج إليه من يطبخ الآجر دون من يعمل في الأرض عملا آخر فالظاهر هناك أن المستأجر هو الذي بناه والظاهر هنا أن رب الدار هو الذي يبني التنور ولو كان في الدار كوارت نحل أو حمامات فذلك كله للمستأجر كالمتاع الموضوع .
ولو أقر رب الدار أن المستأجر خصصها أو فرشها بالآجر أو ركب فيها بابا أو غلقا كان للمستأجر أن يقلع من ذلك ما لا يضر قلعه بالدار لأنه عين ملكه فأما ما يضر بها فليس له أن يقلعه دفعا للضرر عن رب الدار .
( ألا ترى ) أن رب الدار لو فعل ذلك غصبا لم يكن لمالك ذلك العين أن يقلعه فإذا فعله المالك أولى ولكن قيمة ذلك على رب الدار يوم يختصمون لأن ذلك العين احتبس عنده فيغرم قيمته كما لو انصبغ ثوب إنسان بصبغ الغير فأراد صاحب الثوب أن يأخذه وإنما اعتبر قيمته عند الخصومة لأنه عند ذلك تملكه على صاحبه ولو انهدم بيت من الدار فاختلفا في نقضه فإن كان يعرف أنه من بيت انهدم فهو لرب الدار لأنهما لو اختلفا قبل الانهدام كان القول