ملك نفسه على وجه لا يضر بغيره كيف شاء .
وإن كان أكثر مضرة فهو يريد أن يلحق به ضررا لم يرض به صاحب الدار فيمنع من ذلك والمسلم والذمي والحربي المستأمن والحر والمملوك التاجر والمكاتب كلهم سواء في الإجارة لأنها من عقود التجارة وهم في ذلك سواء .
وإن استأجر الذمي دارا سنة بالكوفة بكذا درهما من مسلم فإن اتخذ فيها مصلى لنفسه دون الجماعة لم يكن لرب الدار أن يمنعه من ذلك لأنه استحق سكناها وهذا من توابع السكنى .
وإن أراد أن يتخذ فيها مصلى للعامة ويضرب فيها بالناقوس فلرب الدار أن يمنعه من ذلك وليس ذلك من قبل أنه يملك الدار ولكن على سبيل النهي عن المنكر فإنهم يمنعون من أحداث الكنائس في أمصار المسلمين فلكل مسلم أن يمنعه من ذلك كما يمنعه رب الدار وهذا لقوله لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة والمراد نفي أحداث الكنائس في أمصار المسلمين وفي الخصاء تأويلان .
( أحدهما ) خصاء بني آدم فذلك منهي عنه وهو من جملة ما يأمر به الشيطان قال الله تعالى ! < ولآمرنهم فليغيرن خلق الله > ! 119 والامتناع من صحبة النساء على قصد التبتل والترهب .
والحاصل أنهم لا يمنعون من السكنى في أمصار المسلمين فيجوز بيع الدور وإجارتها منهم للسكنى إلا أن يكثروا على وجه تقل بسببه جماعات المسلمين فحينئذ يؤمرون بأن يسكنوا ناحية من المصر غير الموضع الذي يسكنه المسلمون على وجه يأمنون اللصوص ولا يظهر الخلل في جماعات المسلمين ويمنعون من أحداث البيع والكنائس في أمصار المسلمين .
فإذا أراد أن يتخذ مصلى العامة فهذا منه أحداث الكنيسة وكذلك يمنعون من إظهار بيع الخمور في أمصار المسلمين لأن ذلك يرجع إلى الاستخفاف بالمسلمين وما أعطيناهم الذمة على أن يظهروا ذلك فكان الإظهار فسقا منهم في التعاطي فلكل مسلم أن يمنعهم من ذلك صاحب الدار وغيره فيه سواء وكذلك يمنعون من إظهار شرب الخمر وضرب المعازف والخروج سكارى في أمصار المسلمين لما فيه من الاستخفاف بالمسلمين أيضا .
ولو كان هذا في دار بالسواد أو بالجبل كان للمستأجر أن يصنع فيها ما شاء .
وكان أبو القاسم الصفار رحمه الله يقول هذا الجواب في سواد الكوفة فإن عامة من يسكنها من اليهود والروافض لعنهم الله فأما في ديارنا يمنعون من أحداث ذلك في السواد كما يمنعون في المصر لأن عامة من يسكن القرى في ديارنا مسلمون وفيها الجماعة والدرس ومجلس الوعظ كما في الأمصار .
فأما وجه ظاهر الرواية أن الأمصار موضع إعلام الدين نحو إقامة الجماعات وإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام في أحداث البيع في الأمصار معنى المقابلة