لو انهدمت لم يلزمه الأجر فهذا ربح حصل لا على ضمانه ونهى رسول الله عن ربح ما لم يضمن ثم المنافع في حكم الاعتياض إنما يأخذ حكم المالية والتقوم بالتسمية .
بدليل أن المستعير لا يؤاجر وهو مالك للمنفعة فإن المعير يقول له ملكتك منفعتها وجعلت لك منفعتها ولو أضاف الإعارة إلى ما بعد الموت يثبت ملك المنفعة للموصى له فكذلك إذا أوجبها له في حياته ومع ذلك لا يؤاجر لأنه ليس بمقابلتها تسمية فكذلك هنا وفيما زاد على المسمى في العقد الأول لا تسمية بمقابلة المنفعة في قصده فلا يكون له أن يستفضل وبهذا تبين أنها ليست كالعين فإن من يملك العين بالهبة يجوز له أخذ العوض بالبيع إلا أن يكون زاد فيه شيئا فحينئذ يجعل الفضل بمقابلة تلك الزيادة فلا يظهر الفضل الخالي عن المقابلة .
وكذلك إذا أجره بجنس آخر لأن الفضل عند اختلاف الجنس لا يظهر إلا بالتقوم والعقد لا يوجب ذلك .
فأما عند اتحاد الجنس يعود إليه ما غرم فيه بعينه ويتيقن بالفضل فعليه أن يتصدق به لأنه حصل له بكسب خبيث بمنزلة المستعير إذا أجر فعليه أن يتصدق بالأجر .
وإن كان استأجرها كل شهر فلكل واحد منهما أن ينقض الإجارة عند رأس الشهر لأن كلمة كل متى أضيفت إلى ما لا يعلم منتهاه تتناول الأدنى فإنما لزم العقد في شهر واحد فإذا تم كان لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة .
فإن سكنها من الشهر الثاني يوما أو يومين لم يكن لكل واحد منهما أن يترك الإجارة إلى تمام الشهر إلا من عذر لأن التراضي منهما بالعقد في الشهر الثاني يتم إذا سكنها يوما أو يومين فيلزم العقد فيه بتراضيهما كما لزم في الشهر الأول .
وفي ظاهر الرواية الخيار لكل واحد منهما في الليلة الأولى من الشهر الداخل ويومها لأن ذلك رأس الشهر .
وبعض المتأخرين رحمهم الله يقول الخيار لكل واحد منهما حين يهل الهلال حتى إذا مضى ساعة فالعقد يلزمهما وهذا هو القياس ولكنه فيه نوع حرج فلدفع الحرج قال الخيار لكل واحد منهما في اليوم الأول من الشهر .
وإذا استأجرها كل شهر بكذا ولم يسم أول الشهر فهو من الوقت الذي استأجرها عندنا .
وقال الشافعي رحمه الله لا يصح الاستئجار إلا أن يتصل ابتداء المدة بالعقد ولا يتصل إلا بالشرط لأنه إذا أطلق ذكر الشهر فليس بعض الشهور لتعيينه للعقد بأولى من بعض وجهالة المدة مفسدة لعقد الإجارة وهذا لأنه نكر الشهر والشهر المتصل بالعقد معين فلا يتعين باسم النكرة .
( ألا ترى ) أنه لو قال لله علي أن أصوم شهرا لا يتعين الشهر الذي يعقب نذره ما لم يعينه .
ولكنا نقول الأوقات كلها في حكم الإجارة سواء وفى مثله يتعين الزمان الذي يعقب السبب كما في الآجال