النبي يعقبه الدعاء والاستغفار والمقصود بالصلاة على الجنازة الاستغفار للميت والشفاعة له فلهذا يأتي به ويذكر الدعاء المعروف اللهم اغفر لحينا وميتنا إن كان يحسنه وألا يذكر ما يدعو به في التشهد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات إلى آخره ويسلم تسليمتين بعد الرابعة لأنه جاء أوان التحلل وذلك بالسلام وفي ظاهر المذهب ليس بعد التكبيرة الرابعة دعاء سوى السلام وقد اختار بعض مشايخنا ما يختم به سائر الصلوات اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب القبر وعذاب النار .
فإن كبر الإمام خمسا لم يتابعه المقتدي في الخامسة إلا على قول زفر رحمه الله تعالى فإنه يقول هذا مجتهد فيه فيتابعه المقتدي كما في تكبيرات العيد .
( ولنا ) أن ما زاد على أربع تكبيرات ثبت انتساخه بما روينا ولا متابعة في المنسوخ لأنه خطأ ثم في إحدى الروايتين عن أبي حنيفة رضي الله عنه يسلم حين رأى إمامه يشتغل بما هو خطأ وفي الرواية الأخرى ينتظر سلام الإمام حتى يسلم معه .
( قال ) ( ولا يقرأ في الصلاة على الجنازة بشيء من القرآن ) وقال الشافعي رضي الله عنه تفترض قراءة الفاتحة فيها وموضعها عقيب تكبيرة الافتتاح لقوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة إلا بقراءة وهذه صلاة بدليل اشتراط الطهارة واستقبال القبلة فيها وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الصلاة على الجنازة بأم القرآن وقرأ بن عباس فيها بالفاتحة وجهر ثم قال عمدا فعلت ليعلم أنها سنة .
( ولنا ) حديث بن مسعود رحمه الله تعالى قال لم يوقت لنا في الصلاة على الجنازة دعاء ولا قراءة كبر ما كبر الإمام واختر من الدعاء أطيبه وهكذا روي عن عبد الرحمن بن عوف وبن عمر رضي الله تعالى عنهما أنهما قالا ليس فيها قراءة شيء من القرآن .
وتأويل حديث جابر رضي الله عنه أنه كان قرأ على سبيل الثناء لا على وجه قراءة القرآن .
ولأن هذه ليست بصلاة على الحقيقة إنما هي دعاء واستغفار للميت ألا ترى أنه ليس فيها أركان الصلاة من الركوع والسجود والتسمية بالصلاة لما بينا فيما سبق أن الصلاة في اللغة الدعاء واشتراط الطهارة واستقبال القبلة فيها لا يدل على أنها صلاة حقيقة وأن فيها قراءة كسجدة التلاوة .
ولا ترفع الأيدي إلا في التكبيرة الأولى الإمام والقوم فيها سواء وكثير من أئمة بلخ اختاروا رفع اليد عند كل تكبيرة فيها وكان نصير بن يحيى رحمه الله تعالى يرفع تارة ولا يرفع تارة فمن اختار الرفع قال هذه تكبيرات يؤتى بها في قيام مسنون فترفع الأيدي عندها كتكبيرات العيد