إلى إقامة البينة وهو المثبت على صاحبه لما يدعيه بالبينة وكذلك هذا الاختلاف في بيوت الدار وإن اقتسما مائة شاة فأصاب أحدهما خمس وخمسون شاة وأصاب الآخر خمس وأربعون شاة ثم ادعى صاحب الأوكس غلطا في التقويم لم تقبل بينته على ذلك .
وهذه المسألة في الحاصل على ثلاثة أوجه أحدها أن يدعي الغلط في التقويم وذلك غير مسموع منه وإن أقام البينة على ذلك لأنه شاع في نقض ما قد تم به والقيمة تعرف بالاجتهاد وذلك يختلف باختلاف المقومين واختلاف الأوقات والأمكنة ولأنه بهذه البينة لا يثبت شيئا في ذمة غيره إنما يثبت قيمة ما تناوله فعل القسمة وفعل القسمة لاقي العين دون القيمة وذلك يختلف باختلاف مقدار القيمة بخلاف الغصب فإن بينة المغصوب منه على مقدار قيمته تقبل لأنه يثبت ذلك دينا في ذمة الغاصب فالمغصوب مضمون بالقيمة دينا في ذمة الغاصب .
توضيحه أن القسمة في معنى البيع ومع بقاء عقد البيع لا تقبل البينة على قيمة المبيع من أحد المتعاقدين على صاحبه فكذلك في القسمة .
والثاني أن تكون الدعوى في عدد ما أخذ كل واحد منهما بأن قال أحدهما لصاحبه أحدث إحدى وخمسين غلطا أو أحدث أنا تسعة وأربعين وقال الآخر ما أحدث أنا إلا خمسين فالقول قوله مع يمينه وعلى المدعي البينة لأن الاختلاف بينهما في مقدار المقبوض فالقول قول المنكر للزيادة وعلى من يدعي الزيادة فيما قبض صاحبه إثباته بالبينة ولأنه يدعي شاة مما في يد صاحبه أنها ملكه إصابته في القسمة وصاحبه ينكر ذلك فالقول قوله مع يمينه .
والثالث إن قال أخطأنا في العدد وأصاب كل واحد منا خمسين خمسين وهذه الخمسين خطأ كان منا وقال الآخر قد اقتسمنا على هذا لك خمس وأربعون ولي خمس وخمسون وليس بينهما بينة والغنم قائمة بعينها تحالفا وتراد لأن القسمة في معنى البيع واختلاف المتبايعين في البيع حال قيام السلعة توجب التحالف والتراد فكذلك في القسمة لأنه عقد محتمل للفسخ بعد لزومه بالتراضي فيفسخ بالتحالف أيضا وإن أقام كل واحد منهما بينة على ذلك ردت بالقسمة لأن صاحب الخمس وأربعين هو المدعي وهو المثبت ببينته فيترجح كذلك بينته ويصير كأن خصمه صدقه فيما قال فتبطل القسمة ويستقبلانها على وجه المعادلة .
وإذا اقتسما دارا ولم يشهدا على القسمة حتى اختلفا فقال هذا أصابني هذه الناحية وهذا البيت فيها وقال الذي هي في يديه أصابني هذا كله تحالفا وترادا لأن الاختلاف بينهما في المعقود عليه في الحاصل .
وإن كانت لهما بينة على القسمة أنفذت بينتهما على ما شهد به الشهود كما لو اتفق الخصمان عليه وهذا لأن ما أصاب