التراضي فإن كان في الميراث بينهم رقيق وثياب وغنم ودور وضياع فاقتسموها بينهم وأخذ كل واحد منهم صنفا جاز ذلك لوجود التراضي منهم على إنشاء المعاوضة .
وإن رفعوا إلى القاضي قسم كل صنف بينهم على حدة ولا يضيف بعضها إلى بعض لأن للقاضي ولاية التمييز بالقسمة وإنما يغلب معنى التمييز إذا قسم كل واحد من صنف على حدة ولأن القاضي يعتبر المعادلة في كل ما يتهيأ له اعتباره وقسمة كل صنف على حدة أقرب إلى المعادلة فأما اتفاقهم على القسمة يعتمد التراضي دون المعادلة .
وإذا تمت بتراضيهم بعد ذلك كيف وقعت القسمة وإذا كانت الغنم بين رجلين فقسماها نصفين ثم أقرعا فأصاب هذا طائفة وهذا طائفة ثم ندم أحدهما وأراد الرجوع فليس له ذلك لأن القسمة قد تمت بخروج السهام .
وكذلك لو رضيا برجل قسمها ولم يألوا أن يعدل في ذلك ثم أقرع بينهما فهو جائز عليهما لأن فعله بتراضيهما كفعلهما وإن تساهموا عليها قبل أن يقسموها فأيهم خرج سهمه عدوا له الأول فالأول فهذا يجوز لأنه مجهول لا يعرف ما يصيب كل واحد منهم بالقسمة وفي القسمة معنى البيع فالجهالة التي تفضي إلى المنازعة تفسدها كما تفسد البيع .
وإن كان في الميراث إبل وبقر وغنم فجعلوا الإبل قسما والغنم قسما والبقر قسما ثم تساهموا عليها وأقرعوا على أن من أصابه الإبل رد كذا درهما على صاحبيه نصفين فهو جائز لأن القسمة لا تتم بينهم إلا بخروج القرعة وعند ذلك من وجب عليه الدراهم ومن وجب له معلوم بخلاف الأول فهناك عند خروج القرعة ما يأخذه كل واحد ممن خرجت القرعة باسمه مجهول فيما يتفاوت فإن ندم أحدهم بعد ما وقعت السهام لم يستطع نقض ذلك لأن القسمة تمت بالتراضي .
فإن رجع عن ذلك قبل أن يقع السهام فله ذلك لأن القسمة لم تتم بعد ونفوذ هذه القسمة باعتبار المراضات فيعمل الرجوع من كل واحد منهم قبل تمامها كما في البيع يصح الرجوع بعد الإيجاب قبل القبول .
وكذلك إن وقع سهم وبقي سهمان فرجع عن ذلك جاز رجوعه وإن وقعت السهام كلها إلا سهم واحد لم يكن لبعضهم أن يرجع بعد ذلك لأن القسمة قد تمت فبخروج سائر السهام يتعين ما يصيب السهم الباقي خرج أو لم يخرج .
وإن كان الثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته لم يقسم لأن في قسمته ضررا فإنه يحتاج إلى قطع الثوب بينهما وفي قطعه إتلاف جزء منه فلا يفعله القاضي مع كراهة بعض الشركاء .
فإن رضيا بذلك جميعا قسمه بينهما لوجود الرضا منهما بالتزام هذا الضرر .
وقد قال بعض مشايخنا القاضي لا يفعل ذلك وإن تراضيا عليه ولكن إن اقتسما فيما بينهما لم يمنعهما من ذلك لأن في هذه