مقصورته ثم يمر في ذلك الطريق المشترك فله إذا كان الدار والمقصورة واحدا لأن الكل في حكم منزل واحد .
وإن كان ساكن المقصورة غير ساكن الدار لم يكن له ذلك لأنهما منزلان وكما أنه ليس لساكن الدار أن يتطرق في هذا الطريق من داره فكذلك لا يكون له أن يتطرق فيه من المقصورة لأن لصاحب المقصورة أن يرضى بتطرقه فما هو خالص ملكه وهو المقصورة ولا يعتبر رضاه بذلك في ملك الغير وهو الطريق .
وفرق بين هذا وبين الشرب فإن من له أرض بجنب نهر شربها من ذلك النهر إذا اشترى بجنب أرضه أرضا أخرى وأراد أن يسقي الأرض الأخرى من هذا النهر بإجراء الماء في أرضه لم يكن له ذلك وفي الطريق له ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا لأن هناك يستوفي من الماء فوق حقه فإن حقه في هذا النهر مقدار ما يسقي به أرضه فإذا سقى به أرضين فهو يستوفي أكثر من حقه فيمنع من ذلك وفي الطريق هو الذي يتطرق سواء دخل المقصورة فقط أو يحول من المقصورة إلى الدار فلهذا لا يمنع من ذلك إذا كان ساكن الدار والمقصورة واحدا .
وإذا اقتسم الرجلان دارا فأخذ أحدهما طائفة وفي نصيب الآخر ظلة على الطريق وكنيف شارع فالقسمة في هذا كالبيع وقد بينا في كتاب الشفعة أن كنيف الشارع يدخل في بيع الدار سواء ذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر .
والظلة عند أبي حنيفة لا يدخل إلا بذكر الحقوق والمرافق .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يدخل إذا كان مفتحها في الدار سواء ذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر فكذلك في القسمة .
فإن هدم أهل الطريق تلك الظلة لم تنتقض القسمة لأنه إنما استحق البناء بالقسمة أما الأرض من طريق المسلمين وإنما يستحق بالقسمة ما كان مشتركا بينهم قبل القسمة والمشترك البناء دون الأرض ولا يرجع على شريكه بشيء لأنهما كانا يعلمان أن الظلة على الطريق فإن لهم منها نفس البناء لا حق القرار وذلك سالم له .
وإذا اقتسما دارا فلما وقعت الحدود بينهما إذا أحدهما لا طريق له ولا يقدر على طريق فالقسمة مردودة لأنها وقعت على الضرر والمقصود تحصين كل واحد منهما بالانتفاع بملكه لا قطع ملك المنفعة عنه وقد تبين أن في هذه القسمة قطع منفعة الملك عن أحدهما فكانت مردودة .
وإن كان له حائط يقدر على أن يفتح بابا يمر فيه رجل ولا تمر فيه الحمولة فالقسمة جائزة لتمكنه من الانتفاع بنصيبه بالتطرق إليه من هذا الجانب فالأصل في الطريق مرور الناس فيه فأما مرور الحمولة فيه لا يكون إلا نادرا ويتعذر ذلك لا يمتنع عليه استيفاء ما هو المقصود .
وإن كانت بحيث لا يمر فيه رجل فليس هذا بطريق ولا تجوز القسمة