محل ولايته وإذا جعل ذلك على الدراهم كان ذلك تصرفا منه وراء محل ولايته وربما لا يقدر كل أحد على تحصيل الدراهم وأدائها فليس للقاضي أن يكلفه ذلك .
توضيحه أنه إذا جعل ذلك على الدراهم فالذي وقع البناء في نصيبه الدرهم دين عليه وربما ينوي ذلك عليه وإن كان يخرج فنفس القسمة يتعجل نصيب من وقع البناء في نصيبه ويتأخر نصيب الآخر إلى خروج الدين منه فتنعدم المعادلة بذلك وإذا جعل ذلك على الذرع يتعجل وصول نصيب كل واحد منهم إليه ويتم القسمة ولا حق لبعضهم على بعض فهذا أولى الوجهين .
وإذا تعذر عليه اعتبار المعادلة على الذرع فله أن يقسم على الدراهم عندنا .
( وقال ) مالك رحمه الله ليس له ذلك إلا أن يصطلحوا عليه أو تكون الدراهم يسيرة لأن في القسمة على الدراهم محض المعاوضة وهو بيع نصيب أحدهما من البناء بما يوجب له من الدراهم على صاحبه وليس للقاضي ولاية المعاوضة إلا عند تراضي الخصمين عليه إلا أن اليسير من الدراهم ربما يتحقق فيه الحاجة والضرورة فيتعدى إليه حكم ولايته للحاجة .
وأصحابنا رحمهم الله يقولون هذه الحاجة تتحقق في الكثير كما تتحقق في القليل لأن قيمة نصيب أحدهما من البناء ربما يكون أضعاف جميع قيمة الأرض فتتعذر عليه القسمة بطريق مقابلة قيمة البناء بالذرع من الأرض أو يقع جميع الساحة لأحدهما فلا يتمكن صاحب البيت من الانتفاع بالبناء بدون الأرض وإذا كلف نقل البناء تنقطع المنفعة عنه فلهذا قلنا عند الضرورة يجوز له أن يجعل القسمة في البناء على الدراهم وهذا لأن ولاية القسمة تثبت له فلا يتعدى فيتعدى ولايته إلى ما لا يتأتى له القسمة إلا به كالجد مع موصي الأب يصح منه تسمية الصداق في النكاح وإن كان التصرف في المال إلى الوصي دون الجد وكذلك الأخ ليس له ولاية التصرف في المال ثم له ولاية التسمية في الصداق باعتبار ثبوت الولاية في التزويج ولو اختلفوا في الطريق فقال بعضهم يرفع طريقا بيننا .
وقال بعضهم لا يرفع نظر فيه الحاكم فإن كان يستقيم لكل واحد منهم طريقا يفتحه في نصيبه قسمه بينهم بغير طريق يرفع كما بين عنهم وإن كان لا يستقيم رفع طريقا بينهم لأن المقصود بالقسمة توفير المنفعة على كل واحد منهم ثم موضع الطريق مشترك بينهم كغيره فإذا كان يستقيم لكل واحد منهم طريق يفتحه في نصيبه فالذي يقول لا يرفع طريقا بطلب القسمة في جميع المشترك وذلك ممكن مع اعتبار المعادلة في المنفعة فيجيبه القاضي إلى ما التمس وإذا كان لا يستقيم ذلك ففي قسمة موضع الطريق قطع المنفعة عنهم وذلك ضد ما هو المقصود بالقسمة