بمكة وبمصر وفي بعض البلدان قيمة السفل أكثر من قيمة العلو كما هو بالكوفة قيل في كل موضع تكثر النداوة في الأرض يختار العلو عن السفل وفي كل موضع يشتد البرد ويكثر الريح يختار السفل على العلو وربما يختلف ذلك أيضا باختلاف الأوقات فلا يمكن اعتبار المعادلة إلا بالقيمة فاستحسن القسمة في العلو والسفل باعتبار القيمة .
ثم تفسير المسألة في فصلين أحدهما أن يكون بينهما سفل علوه لغيرهما وعلو سفله لغيرهما فأراد القسمة فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يجعل بمقابلة كل ذراع ذراع .
والثاني أن يكون المشترك بين الشركاء بيتا لسفله علو وسفل لا علو له بأن كان العلو لغيرهم وعلو لا سفل له فعند أبي حنيفة رحمه الله يجعل بإزاء مائة ذراع من العلو الذي لا سفل له ثلاثة وثلاثين ذراعا وثلثا من البيت الكامل وبأزاء مائة ذراع من السفل الذي لا علو له ستة وستين ذراعا وثلثي ذراعا من البيت الكامل لأن العلو عنده مثل نصف السفل كما في الفصل الأول .
وعند أبي يوسف رحمه الله يجعل بأزاء خمسين ذراعا من البيت الكامل مائة ذراع من السفل الذي لا علو له ومائة ذراع من العلو الذي لا سفل له لأن السفل والعلو عنده سواء فخمسون ذراعا من البيت الكامل بمنزلة مائة ذراع خمسون منها سفل وخمسون منها علو .
ومحمد رحمه الله في ذلك كله يعتبر المعادلة بالقيمة وعليه الفتوى .
وإذا كانت الدور بين قوم فأراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة وأتى ذلك بعضهم قسم القاضي كل دار بينهم على حدة ولم يضم بعض انصبائهم إلى بعض إلا أن يصطلحوا على ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله .
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله الرأي في ذلك إلى القاضي وينبغي أن ينظر في ذلك فإن كانت انصباء أحدهم إذا جمعت في دار كان أعدل للقسمة جمع ذلك لأن المعتبر في القسمة المعادلة في المنفعة والمالية والمقصود دفع الضرر وإذا قسم كل دار على حدة ربما يتضرر كل واحد منهم لتفرق نصيبه .
وإذا قسم الكل قسمة واحدة يجتمع نصيب كل واحد منهم في دار وينتفع بذلك والقاضي نصب ناظرا فيمضي قضاءه على وجه يرى النظر فيه كما يمضي قضاءه في المجتهدات على ما يؤدي إليه اجتهاده ولأن الدور في حكم جنس واحد لاتحاد المقصود بها وهو السكنى والجنس الواحد يقسم بين الشركاء قسمة واحدة كالغنم والثياب الهروية إلا أنها تتفاوت منفعة السكنى باختلاف البلدان وباختلاف المحال فمن هذا الوجه نسبه البلدان الأجناس المختلفة فعند تعارض الأدلة الرأي للقاضي فيرجح بعضها بطريق النظر .
وأبو حنيفة رحمه الله يقول الدور أجناس مختلفة بدليل أنها لا تثبت صداقا بمطلق التسمية حتى إذا تزوج امرأة على دار فهو