ولو أنكر الشراء في أصل الدار كان القول قوله فكذلك في البناء وإن أقاما البينة فالبينة بينة الشفيع لأنه ثبت حقه في البناء بسبب ثبوت حقه فيها وهو الشراء ولأن الشفيع يثبت إقرار المشتري بأنه اشترى البناء وذلك إكذاب منه لشهوده وعلى هذا اختلافهما في شجر الأرض ولكن إنما يقبل قول المشتري إذا كان محتملا حتى إذا قال أحدثت فيها هذه الأشجار أمس لم يصدق على ذلك لأن كل أحد يعلم أنه كاذب فيما يقول وكذلك فيما أشبهه من البناء وغيره وإن قال اشتريتها منذ عشر سنين وأحدثت فيها هذا فالقول قوله لأن خبره محتمل وهو منكر لثبوت حق الشفيع فيما زعم أنه أحدثه ولا قول للبائع في شيء من ذلك لأنه بالتسليم خرج من الوسط والتحق بأجنبي آخر وإن قال المشتري اشتريت البناء بخمسمائة ثم اشتريت الأرض بعد ذلك بخمسمائة أو قال الشفيع اشتريتهما معا ففي القياس القول للمشتري اشتريت البناء بخمسمائة ثم اشتريت الأرض بعد ذلك بخمسمائة أو قال اشتريت الأرض بغير بناء بخمسمائة ثم اشتريت البناء بعد ذلك فلا شفعة لك في البناء وقال الشفيع اشتريتهما معا ففي القياس القول قول المشتري لأنه ينكر ثبوت حق الشفيع في البناء ألا ترى أنه لو قال وهب لي البناء واشتريت الأرض كان القول في ذلك قوله فكذلك هنا ولكنه استحسن فقال القول قول الشفيع هنا لأن المشتري أقر بالسبب المثبت لحق الشفيع في الأرض والبناء وهو الشراء ثم ادعى تفريق الصفقة ليسقط به حقه في البناء وذلك حادث يدعيه فلا يقبل قوله في ذلك ولكن القول قول الشفيع لأنكاره ولا قول للبائع في شيء من ذلك فأما في الهبة هو لم يقر بالسبب المثبت لحق الشفيع فالسائل الشفيع يدعي ذلك وهو منكر فالقول قوله ويأخذ الشفيع الأرض بغير بناء وإن قال البائع لم أهب لك البناء فالقول قوله مع يمينه ويأخذ بناءه وإن قال قد وهبته لك كانت الهبة جائزة وكذلك لو قال اشتريت النصف ثم النصف وقال الجار اشتريت الكل بعقد واحد فالقول قول الشفيع استحسانا لما قلنا فإن أقاما جميعا البينة فعلى قول أبي يوسف البينة بينة المشتري لأنه هو المحتاج إليها لإثبات تفريق الصفقة وإثبات شيء بخلاف الظاهر وعند محمد البينة بينة الشفيع لأنه يثبت استحقاق جميع الدار ولأنا نجعل كأن الأمرين كانا إذ لا تنافى بينهما ولو اشترى النصف ثم النصف ثم اشترى الكل أو على عكس ذلك كان للشفيع أن يأخذ الكل بالشفعة فكذلك هنا وإن ادعى المشتري أنه اشترى جميع ذلك معا وادعى الشفيع أنه اشتراه متفرقا فالقول قول المشتري لإنكاره تفريق الصفقة وإنكاره